كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 230 """"""
عرفها من أحد ثلاثة أوجه : إما من دواوين الحكام المندوبين لحراستها ، وإما من دواوين السلطنة على ما جرى فيها من معاملة أو ثبت لها من ذكر وتسمية ، وإما من كتبٍ قديمة تقع في النفس صحتها وإن لم يشهد الشهود بها ، لأنه ليس يتعين الخصم فيها ، فكان الحكم فيها أوسع منه في الوقوف الخاصة .
وأما الوقوف الخاصة ، فإن نظره فيها موقوف على تظلم أهلها عند التنازع فيها ، لوقوفها على خصوم متعينين .
فيعمل عند التشاجر فيها على ما تثبت به الحقوق عند الحاكم ، ولا يجوز أن يرجع فيها إلى ديوان السلطنة ولا إلى ما يثبت من ذكرها في الكتب القديمة إذا لم يشهد بها شهودٌ معدلون .
والسابع : تنفيذ ما وقف من أحكام القضاة ، لضعفهم عن إنفاذه وعجزهم عن المحكوم عليه ، لتعززه وقوة يده أو علو قدره وعظم خطره ، لكون ناظر المظالم أقوى يداً وأنفذ أمرا ، فينفذ الحكم على ما يوجبه عليه الحاكم بانتزاع ما في يده ، أو بإلزامه الخروج مما في ذمته .
والثامن : النظر فيما عجز عنه الناظرون في الحسبة من المصالح العامة كالمجاهرة بمنكرٍ ضعف عن دفعه ، والتعدي في طريق عجز من منعه ، والتحيف في حق لم يقدر على رده ، فيأخذهم بحق الله تعالى في ذلك ، ويأمر بحملهم على موجبه .
والتاسع : مراعاة العبادات الظاهرة كالجمع والأعياد والحج والجهاد من تقصير فيها أو إخلال بشروطها ؛ فإن حقوق الله تعالى أولى أن تستوفى ، وفروضه أحق أن تؤدى .
والعاشر : النظر بين المتشاجرين ، والحكم بين المتنازعين .
ولا يخرج في النظر بينهم عن موجب الحق ومقتضاه ، ولا يسوغ أن يحكم بينهم بما لا يحكم به الحكام والقضاة .
ذكر الفرق بين نظر ولاة المظالم ونظر القضاة
قال الماوردي : والفرق بين نظر المظالم ونظر القضاة من عشر أوجه : أحدها : أن لناظر المظالم من فضل الهيبة وقوة اليد ما ليس للقضاة بكف الخصوم عن التجاحد ومنع الظلمة من التغالب والتجاذب .