كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 231 """"""
والثاني : أن نظر المظالم يخرج من ضيق الوجوب إلى سعة الجواز ، فيكون الناظر فيه أفسح مجالاً وأوسع مقالا .
والثالث : أنه يستعمل من فضل الإرهاب وكشف الأسباب ، بالآثار الدالة أو شواهد الحال اللائحة ما يضيق على الحكام ، فيصل به إلى ظهور الحق ، ومعرفة المبطل من المحق .
والرابع : أنه يقابل من ظهر ظلمه بالتأديب ، ويأخذ من بان عدوانه بالتقويم والتهذيب .
والخامس : أن له من التأني في ترداد الخصوم عند اشتباه أمورهم واستبهام حقوقهم ، ليمعن في الكشف عن أسبابهم وأحوالهم ، ما ليس للحكام ، إذا سألهم أحد الخصمين فصل الحكم ، فلا يسوغ أن يؤخره الحاكم ، ويسوغ أن يؤخره متولي المظالم .
والسادس : أن له رد الخصوم إذا أعضلوا إلى وساطة الأمناء ، ليفصلوا التنازع بينهم صلحاً عن تراضٍ ، وليس للقاضي ذلك إلا عن رضا الخصمين بالرد .
والسابع : أنه يفسح في ملازمة الخصمين إذا وضحت أمارات التجاحد ، ويأذن في إلزام الكفالة فيما يسوغ فيه التكفيل ، لتنقاد الخصوم إلى التناصف ويعدلوا عن التجاحد والتكاذب .
والثامن : أنه يسمع من شهادات المستورين ما يخرج عن عرف القضاة في شهادة المعدلين .
والتاسع : أنه يجوز له إحلاف الشهود عند ارتيابه بهم إذا بذلوا أيمانهم طوعاً ، ويستكثر من عددهم ، لتزول عنه الشبهة وينتفي الارتياب ، وليس ذلك للحاكم .
والعاشر : أنه يجوز له أن يبتدئ باستدعاء الشهود ويسألهم عما عندهم في تنازع الخصوم ، وعادة القضاة تكليف المدعي إحضار بينةٍ ولا يسمعونها إلا بعد مسألته .
فهذه عشرة أوجه يقع فيها الفرق بين نظر المظالم ونظر القضاء في التشاجر والتنازع ؛ وهما فيما عداهما متساويان .