كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 233 """"""
يحيى بن أكثم ، وقيل بل قال لوزيره أحمد بن أبي خالد : أجلسها معه وانظر بينهما ؛ فأجلسها معه ونظر بينهما بحضرة المأمون ، فجعل كلامها يعلو ، فزجرها بعض حجابه ؛ فقال المأمون : دعها فإن الحق أنطقها والباطل أخرسه .
وأمر برد ضياعها إليها .
والحال الثانية في قوة الدعوى : أن يقترن بها كتاب فيه من الشهود المعدلين من هو غائب فالذي يختص بنظر المظالم في مثل هذه الدعوى أربعة أشياء .
أحدها : إرهاب المدعى عليه فربما يعجل من إقراره بقوة الهيبة ما يغني عن سماع البينة .
والثاني : التقدم بإحضار الشهود إذا عرف مكانهم ولم يدخل الضرر الشاق عليهم .
والثالث : التقدم بملازمة المدعى عليه ثلاثاً ، ويجتهد رأيه في الزيادة عليها بحسب الحال من قوة الأمارة ودلائل الصحة .
والرابع : أن ينظر في الدعوى ، فإن كانت مالاً في الذمة كلفه إقامة كفيل ، وإن كانت عيناً قائمةً ، حجر عليه فيها حجراً لا يرفع به حكم يده ، ورد استغلالها إلى أمين يحفظه على مستحقه منهما .
فإن تطاولت المدة ووقع اليأس من حضور الشهود ، جاز لمتولي المظالم أن يسأل المدعي عليه عن دخول يده مع تجديد إرهابه ، فإن أجاب بما يقطع التنازع أمضاه ، وإلا فصل بينهما بموجب الشرع ومقتضاه .
والحال الثالثة في قوة الدعوى : أن يكون في الكتاب المقترن بها شهودٌ حضورٌ لكنهم غير معدلين عند الحاكم ، فيتقدم ناظر المظالم بإحضارهم وسبر أحوالهم ؛ فإن كانوا من ذوي الهيئات وأهل الصيانات ، فالثقة بشهادتهم أقوى ؛ وإن كانوا أرذالاً فلا يعول عليهم لكن يقوى إرهاب الخصم بهم ؛ وإن كانوا أوساطاً فيجوز له أن يستظهر بإحلافهم ، إن رأى ذلك ، قبل الشهادة أو بعدها .
ثم هو في سماع شهادة هذين الصفين بين ثلاثة أمور : إما أن يسمعها بنفسه فيحكم بها ، وإما أن يرد إلى القاضي سماعها ويؤديها القاضي إليه ، وإما أن يرد سماعها إلى الشهود المعدلين وهم يخبرونه بما وضح عندهم .
والحالة الرابعة من قوة الدعوى : أن يكون في الكتاب المقترن بها شهودٌ موتى معدلون ، فالذي يختص بنظر المظالم فيها ثلاثة أشياء .
أحدها : إرهاب المدعى عليه بما يضطره إلى الصدق والاعتراف بالحق .
والثاني : سؤاله عن دخول يده ، لجواز أن يكون من جوابه ما يتضح به الحق . والثالث : أن يكشف عن الحال من جيران الملك

الصفحة 233