كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 235 """"""
يخلو أن يكون منسوباً إلى خطه أو خط كاتبه ، فإن كان منسوباً إلى خطه فلناظر المظالم أن يسأله عنه : أهو خطه ؟ فإن اعترف به ، قيل : أتعلم ما هو ؟ فإن أقر بمعرفته ، قيل : أتعلم صحته ؟ فإن أقر بصحته ، صار بهذه الثلاثة مقراً بمضمون الحساب ، فيؤخذ بما فيه .
وإن اعترف أنه خطه وأنه يعلم ما فيه ولم يعترف بصحته ، فمن حكم بالخط من ولاة المظالم ، حكم عليه بموجب حسابه وإن لم يعترف بصحته ، وجعل الثقة بهذا أقوى من الثقة بالخط المرسل ، لأن الحساب لا يثبت فيه قبضٌ ما لم يقبض ، وقد تكتب الخطوط المرسلة بقبض .
والذي عليه المحققون منهم - وهو قول الفقهاء - أنه لا يحكم عليه بالحساب الذي لم يعترف بصحته ، لكن يقتضي من فضل الإرهاب به أكثر مما اقتضاه الخط المرسل ، ثم يردان إلى الوساطة ثم إلى الحكم البات .
وإن كان الخط منسوباً إلى كاتبه ، سئل المدعى عليه قبل سؤال كاتبه ، فإن اعترف بما فيه أخذ به ، وإن لم يعترف ، سئل عن كاتبه وأرهب ، فإن أنكره ضعفت الشبهة ، وإن اعترف بصحته صار شهادةً على المدعى عليه ، فيحكم عليه بشهادته إن كان عدلاً ، ويقضى بالشاهد واليمين .
فهذه حال الدعوى إذا اقترن بها ما يقويها .
وأما إن اقترن بالدعوى ما يضعفها : فلما اقترن بها من الضعف ستة أحوال تنافي أحوال القوة ، فينقل الإرهاب بها من جنبة المدعى عليه إلى جنبة المدعي .
فالحال الأولى : أن يقابل الدعوى بكتابٍ شهوده حضورٌ معدلون يشهدون بما يوجب بطلان الدعوى ، وذلك من أربعة أوجه .
أحدها : أن يشهدوا على المدعي ببيع ما ادعاه .
والثاني : أن يشهدوا على إقرار الذي انتقل الملك عنه للمدعي قبل إقراره له .
والثالث : أن يشهدوا على المدعي أنه لاحق له فيما ادعاه .
والرابع : أن يشهدوا للمدعي عليه بأنه مالكٌ لما ادعاه عليه .
فتبطل دعواه بهذه الشهادة ، ويؤدبه متولي المظالم بحسب حاله . فإن ذكر أن الشهادة عليه بابتياع كانت على سبيل الرهن ؛ فهذا قد يفعله الناس أحياناً ويسمونه بينهم بيع الأمانة ؛ ويقتضي ذلك الإرهاب في الجهتين .
ويرجع إلى الكشف من الجيرة ؛ فإن ظهر له ما يوجب العدول عن ظاهر الكتاب عمل بمقتضاه ، وإن لم يتبين وأبهم الأمر أمضى الحكم بما شهد به شهود الابتياع .
فإن سأل إحلاف المدعى عليه أن ابتياعه كان حقاً ولم يكن على سبيل الرهن ، فقد اختلف الفقهاء في جواز إحلافه : فمنهم من أجازه ومنهم من منعه .
ولوالي المظالم أن يعمل من القولين بما تقتضيه شواهد الحال .
وكذلك لو كانت الدعوى بدينٍ في الذمة فأظهر