كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 236 """"""
المدعى عليه كتاب براءة منه ، فذكر المدعي أنه أشهد على نفسه قبل القبض ولم يقبض ، كان إحلاف المدعى عليه على ما تقدم ذكره .
والحال الثانية : أن يكون شهود الكتاب عدولاً غيباً ، فهذا على ضربين : أحدهما : أن يتضمن إنكاره اعترافاً بالسبب كقوله : لا حق له في هذا الملك ، لأني ابتعته منه ودفعت إليه الثمن ، وهذا كتاب عهدتي بالإشهاد عليه .
فيصير المدعى عليه مدعياً .
وله زيادة يدٍ وتصرف ، فتكون الأمارة أقوى وشاهد الحال أظهر ، فإن لم يثبت بها الملك فيرهبهما والي المظالم بحسب ما تقتضيه شواهد أحوالهما .
ويأمر بإحضار الشهود إن أمكن ، ويضرب لحضورهم أجلاً يردهما فيه إلى الوساطة ، فإن أفضت إلى صلحٍ عن تراضٍ ، استقر به الحكم وعدل عن سماع الشهادة إن حضرت .
وإن لم ينبرم بينهما الصلح ، أمعن في الكشف من جيرانهما وجيران الملك .
وكان لمتولي نظر المظالم رأيه ، في زمن الكشف ، في خصلة من ثلاث ، على ما يؤدي إليه اجتهاده بحسب الأمارات وشواهد الأحوال : إما أن يرى انتزاع الضيعة من يد المدعى عليه ويسلمها إلى المدعي إلى أن تقوم البينة عليه بالبيع ؛ وإما أن يسلمها إلى أمين تكون في يده ويحفظ استغلالها على مستحقه ؛ وإما أن يقرها في يد المدعى عليه ويحجر عليه فيها وينصب أميناً لحفظ استغلالها .
فإن وقع الإياس من حضور الشهود وظهور الحق بالكشف ، فصل الحكم بينهما على ما تقتضيه أحكام القضاء .
فلو سأل المدعى عليه إحلاف المدعي ، أحلفه له ، وكان ذلك بتاً للحكم بينهما .
والضرب الثاني : أن لا يتضمن إنكاره اعترافاً بالسبب ويقول : هذا الملك أو الضيعة لا حق له فيها .
وتكون شهادة الكتاب على المدعي على أحد وجهين : إما على إقراره أنه لا حق له فيها ، وإما على إقراره أنها ملك للمدعى عليه ؛ فالضيعة مقرةٌ في يد المدعى عليه لا يجوز انتزاعها منه .
فأما الحجر عليه فيها وحفظ استغلالها مدة الكشف والوساطة فمعتبرٌ بشواهد الحال واجتهاد والي المظالم فيما يراه بينهما ، إلى أن يثبت الحق لأحدهما .
والحال الثالثة : أن شهود الكتاب المقابل لهذه الدعوى حضورٌ غير معدلين ، فيراعي والي المظالم فيهم ما قدمناه في جنبة المدعي من أحوالهم الثلاث ، ويراعى حال إنكاره هل تضمن اعترافاً بالسبب أم لا ؛ فيعمل والي المظالم في ذلك بما قدمناه ، تعويلاً على اجتهاد رأيه في شواهد الأحوال .

الصفحة 236