كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 237 """"""
والحالة الرابعة : أن يكون شهود الكتاب موتى معدلين ، فليس يتعلق به حكم إلا في الإرهاب المجرد ، ثم يعمل في بت الحكم على ما تضمنه الإنكار من الاعتراف بالسبب أم لا .
والحال الخامسة : أن يقابل المدعى عليه بخط المدعي بما يوجب إكذابه في الدعوى ، فيعمل فيه بما قدمناه في ذلك .
وكذلك أيضاً في الحال السادسة من إظهار الحساب ، فالعمل فيه على ما قدمناه .
وأما إن تجردت الدعوى من أسباب القوة والضعف ، فلم يقترن بها ما يقويها ولا ما يضعفها ، فنظر والي المظالم في ذلك أن يراعي أحوال المتنازعين في غلبة الظن .
ولا يخلو حالهما فيه من ثلاثة أحوال .
أحدها : أن تكون غلبته في جنبة المدعي .
والثاني : أن تكون في جنبة المدعى عليه .
والثالث : أن يعتدلا فيه .
فإن كانت غلبة الظن في جنبة المدعي وكانت الريبة متوجهةً إلى المدعى عليه ، فقد تكون من ثلاثة أوجه .
أحدها : أن يكون المدعي مع خلوه من حجة مضعوف اليد مستلان الجانب والمدعى عليه ذا بأسٍ وقدرة .
فإذا ادعى عليه غصب ملك أو ضيعة ، غلب في الظن أن مثله مع لينه واستضعافه لا يتجوز في دعواه على من كان ذا بأسٍ وسطوة .
والثاني : أن يكون ممن اشتهر بالصدق والأمانة والمدعى عليه ممن اشتهر بالكذب والخيانة ، فيغلب في الظن صدق المدعي في دعواه . والثالث : أن تتساوى أحوالهما ، غير أنه عرف للمدعي يد متقدمة وليس يعرف لدخول يد المدعى عليه سببٌ ، فالذي يقتضيه نظر المظالم في هذه الأحوال شيئان .
أحدهما : إرهاب المدعى عليه لتوجه الريبة .
والثاني : سؤاله عن سبب دخول يده وحدوث ملكه .
وأما إن كانت غلبة الظن في جنبة المدعى عليه بانعكاس ما قدمناه وانتقاله من جانب المدعي إلى المدعى عليه ، فمذهب مالك - رحمه الله - أنه إن كانت دعواه في مثل هذه الحال لعين ٍ قائمةٍ ، لم يسمعها إلا بعد ذكر السبب الموجب لها ، وإن كانت في مالٍ في الذمة ، لم يسمعها إلا أن تقوم البينة للمدعي أنه كان بينه وبين المدعى عليه معاملة .
والشافعي وأبو حنيفة - رحمهما الله - لا يريان ذلك .
ونظر المظالم موضوعٌ على فعل الجائز دون الواجب ، فيسوغ فيه مثل هذا عند ظهور الريبة .
فإن وقف الأمر على التحالف فهو غاية الحكم البات الذي لا يجوز دفع طالبٍ عنه في نظر القضاء ولا نظر المظالم .
فإن فرق المدعي دعاويه وأراد أن

الصفحة 237