كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 239 """"""
فقال الزوج :
زهدني في قربها وفي الحجل . . . أني امرؤٌ أذهلني ما قد نزل
في سورة النحل وفي السبع الطول . . . وفي كتاب الله تخويفٍ جلل
فقال كعب :
إن لها حقاً عليك يا رجل . . . نصيبها في أربع لمن عقل
فأعطها ذاك ودع عنك العلل
ثم قال : إن الله سبحانه وتعالى قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ، ولها يومٌ وليلة .
فقال عمر رضي الله عنه لكعب : ما أدري من أي أمريك أعجب أمن فهمك أمرهما ، أم من حكمك بينهما اذهب فقد وليتك القضاء بالبصرة .
وهذا القضاء من كعب والإمضاء من عمر إنما كان حكماً بالجائز دون الواجب ؛ لأن الزوج لا يلزمه أن يقسم للزوجة الواحدة ولا يجيبها إلى الفراش إذا أصابها دفعةً واحدة .
فدل هذا على أن لوالي المظالم أن يحكم بالجائز دون الواجب .
ذكر توقيعات متولي المظالم وما يترتب عليها من الأحكام
.
قال الماوردي : إذا وقع ناظر المظالم في قصص المتظلمين إليه بالنظر بينهم ، لم يخل حال الموقع إليه من أحد أمرين : إما أن يكون والياً على ما وقع به إليه أو غير والٍ عليه . فإن كان والياً عليه ، كتوقيعه إلى القاضي بالنظر بينهما ، فلا يخلو حال ما تضمنه التوقيع من أحد أمرين : إما أن يكون إذناً بالحكم ، أو إذناً بالكشف والوساطة .
فإن كان إذناً بالحكم ، جاز له الحكم بينهما بأصل الولاية ويكون التوقيع تأكيداً لا يؤثر فيه قصور معانيه .
وإن كان إذناً بالكشف للصورة أو التوسط بين الخصمين فإن كان في التوقيع بذلك نهيه عن الحكم فيه لم يكن له أن يحكم بينهما وكان هذا النهي عزلاً عن الحكم بينهما ، وكان على عموم ولايته فيمن عداهما .
وإن لم ينهه في التوقيع عن الحكم بينهما غير أنه أمره بالكشف ، فقد قيل : يكون نظره على عمومه في جواز حكمه بينهما ؛ لأن أمره ببعض ما إليه لا يكون منعاً من غيره وقيل بل يكون ممنوعاً من الحكم بينهما مقصوراً على ما تضمنه التوقيع من الكشف