كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 242 """"""
الباب الثالث عشر من القسم الخامس من الفن الثاني في نظر الحسبة وأحكامها
قال أبو الحسن الماوردي - رحمه الله - : والحسبة هي أمرٌ بالمعروف إذا ظهر تركه ، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله .
قال الله عز وجل : " ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " .
ومن شروط ناظر الحسبة أن يكون حراً ، عدلاً ، ذا رأيٍ وصرامةٍ وخشونة في الدين ، وعلمٍ بالمنكرات الظاهرة .
واختلف الفقهاء من أصحاب الشافعي : هل يجوز له أن يحمل ، الناس فيما ينكره من الأمور التي اختلف الفقهاء فيها ، على رأيه واجتهاده ، أم لا ، على وجهين : أحدهما : - وهو قول أبي سعيدٍ الإصطخري - أن له أن يحمل ذلك على رأيه واجتهاده ؛ فعلى هذا يجب أن يكون المحتسب عالماً من أهل الاجتهاد في أحكام الدين ، ليجتهد رأيه فيما اختلف فيه .
والثاني : أنه ليس له أن يحمل الناس على رأيه ولا يقودهم إلى مذهبه ، لتسويغ اجتهاد الكافة فيما اختلف فيه .
فعلى هذا يجوز أن يكون المحتسب من غير أهل الاجتهاد إذا كان عارفاً بالمنكرات المتفق عليها .
ذكر الفرق بين المحتسب والمتطوع
قال : والفرق بين المحتسب والمتطوع من تسعة أوجه : أحدها : أن فرضه متعين على المحتسب بحكم الولاية ، وفرضه على غيره داخلٌ في فرض الكفاية .
والثاني : أن قيام المحتسب به من حقوق تصرفه الذي لا يجوز أن يتشاغل عنه بغيره ؛ وقيام المتطوع به من نوافل عمله الذي يجوز أن يتشاغل عنه بغيره .
والثالث : أنه منسوبٌ إلى الاستعداد إليه فيما يجب إنكاره ؛ وليس المتطوع منسوباً إلى الاستعداد .
والرابع : أن على المحتسب إجابة من استعداه ؛ وليس على المتطوع إجابته .

الصفحة 242