كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 243 """"""
والخامس : أن عليه أن يبحث عن المنكرات الظاهرة ليصل إلى إنكارها ، ويفحص عما ترك من المعروف الظاهر ليأمر بإقامته ؛ وليس على المتطوع بحثٌ ولا فحصٌ .
والسادس : أن له أن يتخذ على الإنكار أعوانا ، لأنه عملٌ هو له منصوب ، وإليه مندوب ، ليكون له أقهر ، وعليه أقدر ؛ وليس للمتطوع أن يندب لذلك عونا .
والسابع : أن له أن يعزر في المنكرات الظاهرة ولا يتجاوز بها الحدود ؛ وليس للمتطوع أن يعزر بها .
والثامن : أن له أن يرزق على حسبته من بيت المال ؛ ولا يجوز للمتطوع أن يرزق على إنكار منكر .
والتاسع : أن له اجتهاد رأيه فيما تعلق بالعرف دون الشرع ، كالمقاعد في الأسواق وإخراج الأجنحة ، فيقر وينكر من ذلك ما أداه إليه اجتهاده ؛ وليس هذا للمتطوع .
فهذا هو الفرق بين متولي الحسبة وبين المتطوعة ، وإن اتفقا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ذكر أوضاع الحسبة وقصورها عنه وزيادتها عليه ، وموافقتها لنظر المظالم وقصورها عنه
.
قال : واعلم أن الحسبة واسطة بين أحكام القضاء وأحكام المظالم .
فأما ما بينها وبين القضاء ، فهي موافقةٌ للقضاء من وجهين ، ومقصرة عنه من وجهين ، وزائدةٌ عليه من وجهين .
موافقتها أحكام القضاء
فأحدهما جواز الاستعداء إليه . وسماعه دعوى المستعدي على المستعدى عليه من حقوق الآدميين ، وليس في عموم الدعاوى .
وإنما يختص بثلاثة أنواع من الدعوى : أحدها : أن يكون فيما تعلق ببخسٍ وتطفيف في كيلٍ أو وزن .
والثاني : فيما تعلق بغشٍ أو تدليس في مبيع أو ثمنٍ .
والثالث : فيما تعلق بمطل وتأخيرٍ لدينٍ مستحق مع المكنة .
وإنما جاز نظره في هذه الأنواع الثلاثة من الدعاوى دون ما عداها ، لتعلقها بمنكرٍ ظاهر هو منصوبٌ

الصفحة 243