كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 249 """"""
استئذان السلطان فيها أو خيف زيادة الضرر لبعد استئذانه ، جاز شروعه فيها من غير استئذان .
هذا أمر العام .
فأما أمر الخاص : فكالحقوق إذا مطلت والديون إذا أخرت ، فللمحتسب أن يأمر بالخروج منها مع المكنة إذا استعداه أصحاب الحقوق .
وليس له أن يحبس عليها ، لأن الحبس حكم .
وله أن يلازم عليها ، لأن لصاحب الحق أن يلازم .
وليس له الأخذ بنفقات الأقارب ، لافتقار ذلك إلى اجتهاد شرعي فيمن يجب له وعليه ، إلا أن يكون الحاكم قد فرضها فيجوز أن يأخذ بأدائها ؛ وكذلك كفالة من تجب كفالته من الصغار ولا اعتراض له فيها حتى يحكم بها الحاكم ؛ ويجوز حينئذ للمحتسب أن يأمر بالقيام بها على الشروط المستحقة فيها .
فأما قبول الوصايا والودائع ، فليس له أن يأمر بها أعيان الناس وآحادهم ، ويجوز أن يأمر بها على العموم ، حثاً على التعاون بالبر والتقوى . ثم على هذا المثال تكون أوامره بالمعروف في حقوق الآدميين .
وأما الأمر بالمعروف : فيما كان مشتركاً بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين كأخذ الأولياء بإنكاح الأيامى من أكفائهن إذا طلبن ، وإلزام النساء أحكام العدد إذا فورقن .
وله تأديب من خالف في العدة من النساء ، وليس له تأديب من امتنع من الأولياء .
ومن نفى ولداً قد ثبت فراش أمه ولحوق نسبه ، أخذه بأحكام الآباء جبرا وعزره على النفي أدبا .
ويأخذ السادة بحقوق العبيد والإماء ، وألا يكلفوا من الأعمال ما لا يطيقون .
وكذلك أرباب البهائم يأخذهم بعلوفتها إذا قصروا فيها ، وألا يستعملوها فيما لا تطيق .
ومن أخذ لقيطاً فقصر في كفالته ، أمره أن يقوم بحقوق التقاطه : من التزام كفالته أو تسليمه إلى من يلتزمها ويقوم بها .
وكذلك واجد الضوال إذا قصر فيها أخذه بمثل ذلك من القيام بها أو تسليمها إلى من يقوم بها ، ويكون ضامناً للضالة بالتقصير ولا يكون به ضامناً للقيط .
وإذا سلم الضالة إلى غيره ضمنها ، ولا يضمن اللقيط بالتسليم .
ثم على نظائر هذا المثال يكون أمره بالمعروف في الحقوق المشتركة .
وأما النهي عن المنكرات : فينقسم إلى ثلاثة أقسام : أحدها ما كان من حقوق الله تعالى .
والثاني ما كان من حقوق الآدميين .
والثالث ما كان مشتركاً بين الحقين .