كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 252 """"""
فقال له عمر : يا عبد الله ، من هذه التي وهبت لها حجك ؟ فقال : امرأتي يا أمير المؤمنين وإنها حمقاء مرغامه ، أكولٌ قامّه ، لا يبقى لها خامّه ؛ فقال له : مالك لا تطلقها ؟ فقال : أنها حسناء لا تفرك ، وأم صبيان فلا تترك ، قال : فشأنك بها .
فلم يقدم عمر رضي الله عنه بالإنكار حتى استخبره ، فلما انتفت عنه الريبة أقره على فعله .
وإذا جاهر رجل بإظهار الخمر ، فإن كان من المسلمين ، أراقها وأدبه ؛ وإن كان ذمياً أدب على إظهارها ، واختلف في إراقتها عليه ، فذهب أبو حنيفة إلى أنها لا تراق عليه ، لأنها عنده من أموالهم المضمونة في حقوقهم .
وذهب الشافعي إلى إراقتها عليهم لأنها لا تضمن عنده في حق المسلم ولا الكافر .
وأما المجاهرة بإظهار النبيذ ، فعند أبي حنيفة أنه من الأموال التي يقر المسلمون عليها ، فمنع من إراقته ومن التأديب على إظهاره .
وعند الشافعي أنه ليس بمال كالخمر وليس في إراقته غرم .
فيعتبر ناظر الحسبة شواهد الحال فيه فينهى فيه عن المجاهرة ، ويزجر عليه إن كان لمعاقرة ، ولا يريقه عليه ، إلا أن يأمر بإراقته حاكمٌ من أهل الاجتهاد ، لئلا يتوجه عليه غرمٌ إن حوكم فيه .
وأما السكران إذا تظاهر بسكره وسخف بهجره ، أدبه على السكر والهجر ، تعزيراً لا حداً ، لقلة مراقبته وظهور سخفه .
وأما المجاهرة بإظهار الملاهي المحرمة ، فعلى المحتسب أن يفصلها حتى تصير خشباً لتخرج عن حكم الملاهي ، ويؤدب على المجاهرة بها ، ولا يكسرها إن كان خشبها يصلح لغير الملاهي .
وأما اللعب فليس يقصد بها المعاصي ، وإنما يقصد بها إلف البنات لتربية الأولاد ، ففيها وجهٌ من وجوه التدبير تقارنه معصية ، بتصوير ذوات الأزواج ومشابهة الأصنام ، فللتمكين منها وجهٌ ، وللمنع منها وجهٌ ؛ وبحسب ما تقتضيه شواهد الأحوال يكون إنكاره وإقراره .
وقد كانت عائشة رضي الله عنه في صغرها تلعب بالبنات بمشهدٍ من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فلم ينكره عليها .