كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 257 """"""
وإذا كان في أئمة المساجد السابلة والجوامع الحافلة من يطيل الصلاة حتى يعجز الضعفاء وينقطع بها ذوو الحاجات ، أنكر ذلك ؛ فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لمعاذٍ حين أطال الصلاة بقومه : " أ فتانٌ أنت يا معاذ " .
فإن أقام على الإطالة ولم يمتنع منها ، لم يجز أن يؤدبه عليها ، ولكن يستبدل به من يخففها .
وإذا كان في القضاة من يحجب الخصوم إذا قصدوه ، ويمتنع من النظر بينهم إذا تحاكموا إليه ، حتى تقف الأحكام ويتضرر الخصوم ، فللمحتسب أن يأخذه ، مع ارتفاع الأعذار ، بما ندب له من النظر بين المتحاكمين وفصل القضاء بين المتنازعين ، ولا يمنع علو رتبته من إنكار ما قصر فيه .
وإذا كان في سادة العبيد من يستعملهم فيما لا يطيقون الدوام عليه ، كان منعهم والإنكار عليهم موقوفاً على استعداء العبيد ، فإذا استعدوه منع حينئذ وزجر .
وإن كان في أرباب المواشي من يستعملها فيما لا تطيق الدوام عليه ، أنكره المحتسب عليهم ومنعهم منه وإن لم يكن فيه مستعدٍ إليه .
فإن ادعى المالك احتمال البهيمة لما يستعملها فيه ، جاز للمحتسب أن ينظر فيه ، لأنه إن افتقر إلى اجتهاد فهو عرفه يرجع فيه إلى عرف الناس ، وليس باجتهاد شرعي .
وللمحتسب الاجتهاد في العرف .
وإذا استعداه العبد من امتناع سيده من كسوته ونفقته ، جاز له أن يأمره بهما ويأخذه بالتزامهما .
ولو استعداه من تقصير سيده فيهما ، لم يكن له في ذلك نظر ولا إلزام ؛ لأنه يحتاج في التقدير إلى اجتهاد شرعي ، ولا يحتاج في التزام الأصل إلى اجتهاد شرعي ، لأن التقدير غير منصوص عليه ولزومه منصوص عليه .
وللمحتسب أن يمنع أرباب السفن من حمل ما لا تسعه ويخاف منه غرقها .
وكذلك يمنعهم من المسير عند اشتداد الريح .
وإذا حمل فيها الرجال والنساء ، حجز بينهم بحائل .
وإذا اتسعت السفن ، نصب للنساء مخارج للبراز لئلا يتبرجن عند الحاجة .
وإذا كان في أهل الأسواق من يختص بمعاملة النساء ، راعى المحتسب سيرته