كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)
"""""" صفحة رقم 258 """"""
وأمانته ، فإذا تحققها منه ، أقره على معاملتهن .
وإن ظهرت منه الريبة وبان عليه الفجور ، منعه من معاملتهن ، وأدبه على التعرض لهن .
وقد قيل : إن الحماة وولاة المعاون أخص بإنكار هذا والمنع منه من ولاة الحسبة ، لأنه من توابع الزنا .
وينظر والي الحسبة في مقاعد الأسواق ، فيقر منها ما لا ضرر على المارة فيه ، ويمنع ما استضروا به .
ولا يقف منعه على الاستعداء إليه .
وإذا بنى قوم في طريقٍ سابلٍ ، منع منه وإن اتسع له الطريق ، ويأخذهم بهدم ما بنوه ولو كان المبنى مسجداً ؛ لأن مرافق الطرق للسلوك لا للأبنية .
وإذا وضع الناس الأمتعة وآلات الأبنية في مسالك الشوارع والأسواق ارتفاقاً لينقلوه حالاً بعد حال ، مكنوا منه إن لم يستضر به المارة ، ومنعوا منه إن استضروا به .
وكذلك القول في إخراج الأجنحة والسوابيط ومجاري المياه وآبار الحشوش ، يقر ما لم يضر ، ويمنع ما ضر .
ويجتهد المحتسب رأيه فيما ضر وما لم يضر ، لأنه من الاجتهاد العرفي دون الشرعي .
والفرق بين الاجتهادين أن الاجتهاد الشرعي ما روعي فيه أصلٌ ثبت حكمه بالشرع ، والاجتهاد العرفي ما روعي فيه أصل ثبت حكمه بالعرف .
ويوضح الفرق بينهما بتمييز ما يسوغ فيه اجتهاد المحتسب مما هو ممنوع من الاجتهاد فيه .
ولناظر الحسبة أن يمنع من ينقل الموتى من قبورهم إذا دفنوا في ملك أو مباح ، إلا من أرض مغصوبة ، فيكون لمالكها أن يأخذ من دفنهم فيها بنقلهم منها .
واختلف في جواز نقلهم من أرض قد لحقها سيلٌ أو ندىً ، فجوزه الزبيري وأباه غيره .
ويمنع من خصاء الآدميين وغيرهم .
ويؤدب عليه ؛ وإن استحق فيه قودٌ أو ديةٌ استوفاه لمستحقه ما لم يكن فيه تناكر وتنازع .
ويمنع من خضاب الشيب بالسواد إلا لمجاهد في سبيل الله تعالى .
ويؤدب من يصبغ به للنساء .
ولا يمنع من الخضاب إلا بالحناء والكتم .
ويمنع من التكسب بالكهانة ، ويؤدب عليه الآخذ والمعطي .
وهذا فصل يطول شرحه ، لأن المنكرات لا ينحصر عددها فتستوفى .
وفيما