كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 32 """"""
وقالت الحكماء : إمام عادل خير من مطر وابل ، وإمام غشوم خير من فتنة تدوم .
يقال : إن جمشيد أحد ملوك الفرس الأول ، لما ملك الأقاليم عمل أربعة خواتيم : خاتماً للحرب والشرطة وكتب عليه الأناة ، وخاتماً للخراج وكتب عليه العمارة ، وخاتماً للبريد وكتب عليه الوحا ، وخاتماً للمظالم وكتب عليه العدل ، فبقيت هذه الرسوم في ملوك الفرس إلى أن جاء الإسلام .
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إذا كان الإمام عادلاً فله الأجر وعليك الشكر ، وإذا كان جائراً فله الوزر وعليك الصبر .
وقال أردشير لابنه : يا بني إن الملك والعدل أخوان لا غنى لأحدهما عن صاحبه ، فالملك أسٌّ والعدل حارس ، فما لم يكن له أس فمهدوم ، وما لم يكن له حارس فضائع ، يا بني اجعل حديثك مع أهل المراتب ، وعطيتك لأهل الجهاد ، وبشرك لأهل الدين ، وبرّك لمن عناه ما عناك من ذوي العقول . وقال بعض الحكماء : يجب على السلطان أن يلتزم العدل في ظاهر أفعاله لإقامة أمر سلطانه ، وفي باطن ضميره لإقامة أمر دينه ، فإذا فسدت السياسة ذهب السلطان ؛ ومدار السياسة كلها على العدل والإنصاف ، فلا يقوم السلطان لأهل الكفر والإيمان إلا بهما ، ولا يدور إلا عليهما .
وقال عبد الملك بن مروان لبنيه : كلكم يترشح لهذا الأمر ، ولا يصلح له منكم إلا من له سيفٌ مسلول ، ومالٌ مبذول ؛ وعدلٌ تطمئن إليه القلوب .

الصفحة 32