كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 40 """"""
عشيةً فلا تؤخره إلى غدوة ، وأعطهم حقوقهم عند محلّها تستوجب بذلك الطاعة منهم .
وإياك أن يظهر لرعيتك منك كذب ، فإنهم إن ظهر لهم منك كذب لم يصدقوك في الحق .
واستشر جلساءك وأهل العلم ، فإن لم يستبن لك فاكتب إليّ يأتيك رأيي فيه إن شاء الله .
وإن كان بك غضب على أحد من رعيتك فلا تؤاخذه به عند سورة الغضب ، واحبس عقوبتك حتى يسكن غضبك ثم يكون منك ما يكون وأنت ساكن الغضب مطفأ الجمرة ، فإنّ أول من جعل السجن كان حليماً ذا أناة ؛ ثم انظر إلى أهل الحسب والدين والمروءة ، فليكونوا أصحابك وجلساءك ، ثم ا رفع منازلهم منك على غيرهم على غير استرسال ولا انقباض ، أقول هذا وأستخلف الله عليك .
الباب السادس من القسم الخامس من الفن الثاني في حسن السياسة ، وإقامة المملكة وما يتصل به الحزم والعزم ، وانتهاز الفرص ، والحلم ، والعفو ، والعقوبة ، والانتقام
.
فأما ما قيل في حسن السياسة وإقامة المملكة ؛ قالوا : " من طلب الرياسة فليصبر على مضض السياسة " .
ويقال : " إذا صحت السياسة تمت الرياسة " . كتب الوليد بن عبد الملك إلى الحجاج بن يوسف يأمره أن يكتب إليه بسيرته فكتب إليه : إني أيقظت رأيي وأنمت هواي ، وأدنيت السيد المطاع في قومه ، ووليت الحرب الحازم في أمره ، وقلدت الخراج الموفر لأمانته ، وقسمت لكل خصيم من نفسي قسماً ، أعطيته حظّاً من لطيف عنايتي ونظري ، وصرفت السيف إلى

الصفحة 40