كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 48 """"""
وممن اشتهر بالحلم معاوية بن أبي سفيان .
حكي أن رجلاً خاطر رجلاً أن يقوم إلى معاوية إذا سجد فيضع يده على كفله ويقول : سبحان الله يا أمير المؤمنين ما أشبه عجيزتك بعجيزة أمك هند ففعل ذلك ؛ فلما انفتل معاوية عن صلاته قال له : يا أخي ، إن أبا سفيان كان محتاجاً إلى ذلك منها ؛ فخذ ما جعلوه لك . فأخذه ؛ ثم خاطره آخر بعد ذلك أن يقوم إلى زياد وهو في الخطبة فيقول : أيها الأمير ، من أمك ، ففعل ؛ فقال زياد : هذا يخبرك ، وأشار إلى صاحب الشرطة ، فقدمه وضرب عنقه ؛ فلما بلغ ذلك معاوية قال : ما قتله غيري ، ولو أدبته على الأولى ما عاد إلى الثانية .
قيل : ودخل خريم الناعم على معاوية بن أبي سفيان فنظر معاوية إلى ساقيه ، فقال : أي ساقين لو أنهما على جارية فقال له خريم : في مثل عجيزتك يا أمير المؤمنين ؛ فقال : واحدةٌ بواحدة والبادئ أظلم .
وقيل : خاطر رجل على أن يقوم إلى عمرو بن العاص وهو في الخطبة فيقول له : أيها الأمير ، من أمك ؛ ففعل ؛ فقال عمرو : النابغة بنت عبد الله أصابتها رماح العرب فبيعت بعكاظ ؛ فاشتراها عبد الله بن جدعان فوهبها للعاصي بن وائل فولدت له فأنجبت ، فإن كانوا جعلوا لك شيئاً فخذه . وقيل : أسمع رجل عمر بن عبد العزيز بعض ما يكره ؛ فقال : لا عليك ، إنما أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً ، انصرف إذا شئت .
حكى صاحب العقد عن ابن عائشة أن رجلاً من أهل الشام دخل المدينة ، قال : فرأيت رجلاً راكباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا ثوباً ولا دابةً منه ، قال : فمال قلبي إليه ، فسألت عنه ، فقيل : هذا الحسن بن علي بن أبي طالب ،

الصفحة 48