كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 57 """"""
وأنت يا أمير المؤمنين أحق وارث لهذه المنة ومتمثلٍ بها ؛ قال : هيهات تلك أجرام جاهلية عفا عنها الإسلام ، وجرمك جرمٌ في إسلامك في دار خلافتك ؛ قال يا أمير المؤمنين : فوالله للمسلم أحق بإقالة العثرة وغفران الذنب من الكافر ، هذا كتاب الله بيني وبينك ، يقول الله تعالى : " وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم " الآية إلى " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " ، فهي للناس يا أمير المؤمنين سنة دخل فيها المسلم والكافر والشريف والمشروف ؛ قال : صدقت ، اجلس وريت بك زنادي ، وعفا عنه .
وقال أحمد بن أبي داود : ما رأيت رجلاً نزل به الموت فما شغله ذلك ولا أذهله عما كان يجب أن يفعله إلا تميم ابن جميل ، فإنه كان تغلب على شاطىء الفرات فظفر به ، ووافى به الرسول باب المعتصم في يوم الموكب في حين جلوسه للعامة فأدخل عليه ، فلما مثل بين يديه دعا بالنطع والسيف فأحضرا ، وجعل تميم بن جميل يصعد النظر إلى ذلك ولا يقول شيئاً ، وجعل المعتصم يصعد النظر فيه ويصوبه ، وكان جسيماً وسيماً ، فرأى أن يستنطقه لينظر أين جنانه ولسانه من منظره ، فقال : يا تميم ، إن كان لك عذر فأت به أو حجةٌ فأدل بها ، فقال : أما إذ قد أذنت لي يا أمير المؤمنين بالكلام فإني أقول : الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ، " ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين " ، يا أمير المؤمنين جبر الله بك صدع الدين ولأم بك شعث الأمة وأخمد بك شهاب الباطل وأوضح بك سراج الحق يا أمير المؤمنين ، إن الذنوب تخرس الألسنة ، وتصدع الأفئدة ، ولقد عظمت الجريرة وكبر الذنب وساء الظن ، ولم يبق إلا عفوك أو انتقامك ، وأرجو أن

الصفحة 57