كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
وأما الشروط العرفية والاصطلاحية وهي ما ينبغي أن يأتيه الملك من جميل الفعال ، ويذره من قبيح الخصال .
قال معاوية بن أبي سفيان : مهما كان في الملك فلا ينبغي أن تكون فيه خمس خصال : لا ينبغي أن يكون كذاباً ، فإنه إذا كان كذاباً فوعد بخير لم يرج ، وإن وعد بشرٍ لم يخف ؛ ولا ينبغي أن يكون بخيلاً ، فإنه إذا كان بخيلاً لم يناصحه أحد ، ولا تصلح الولاية إلاّ بالمناصحة ؛ ولا ينبغي أن يكون حديداً ، فإنه إذا كان حديداً مع القدرة هلكت الرعية ؛ ولا ينبغي أن يكون حسوداً ، فإنه إذا كان حسوداً لم يشرف أحدً ، ولا يصلح الناس إلاّ على أشرافهم ؛ ولا ينبغي أن يكون جباناً ، فإنه إذا كان جباناً اجترأ عليه عدوه .
وقال ابن المقفع : ليس للملك أن يغضب ، لأن القدرة من وراء حاجته ؛ وليس له أن يكذب ، لأنه لا يقدر على استكراهه على غير ما يريد ؛ وليس له أن يبخل ، لأنه أقل الناس عذراً في خوف الفقر ؛ وليس له أن يكون حقوداً ، لأن خطره أعظم من المجازاة .
وقالت الحكماء : يجب على الملك أن يتلبس بثلاث خصال : تأخيره العقوبة في سلطان الغضب ، وتعجيل مكافأة المحسن ، والعمل بالأناة فيما يحدث ؛ فأن له في تأخير العقوبة إمكاناً ، وفي تعجيل المكافأة بالإحسان المسارعة في الطاعة من الرعية ، وفي الأناة انفساح الرأي وإيضاح الصواب .

الصفحة 6