كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 65 """"""
وقال العتبي لرجل من عبس : ما أكثر صوابكم فقال : نحن ألف رجل وفينا حازمٌ واحد ، فنحن نشاوره فكأنا ألف حازم .
وسئل بعض الحكماء : أي الأمور أشد تأييداً للعقل ، وأيها أشد إضراراً به ؟ فقال : أشدها تأييداً له ثلاثة أشياء : مشاورة العلماء ، وتجربة الأمور ، وحسن التثبت ؛ وأشدها إضراراً به ثلاثة أشياء : الاستبداد ، والتهاون ، والعجلة .
وقال بعض الحكماء : إذا استبد الرجل برأيه عميت عليه المراشد .
وقال الفضل بن سهل : الرأي يسدّ ثلم السيف ، والسيف لا يسد ثلم الرأي .
وقالوا : من استغنى برأيه فقد خاطر بنفسه .
وقال بعض البلغاء : إذا أشكلت عليك الأمور ، وتغير لك الجمهور ، فارجع إلى رأي العقلاء ، وافزع إلى استشارة العلماء ؛ ولا تأنف من الاسترشاد ، ولا تستنكف من الاستمداد ؛ فلأن تسأل وتسلم خيرٌ من أن تستبد وتندم .
وقال حكيم لابنه : يا بنيّ ، إن رأيك إذا احتجت إليه وجدته نائماً ووجدت هواك يقظان ، فإياك أن تستبد برأيك ، فإنه حينئذ هواك .
ويقال : تعوذ من سكرات الاستبداد بصحوات الاستشارة ، ومن عثرات البغي باستقالة الاستخارة .

الصفحة 65