كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 72 """"""
وقيل : لا تدخل في مشورتك بخيلاً فيقصر بفعلك ، ولا جباناً فيخوفك ، ولا حريصاً فيعدك ما لا يرجى ؛ فإن البخل والجبن والحرص طبيعةٌ واحدةٌٌ يجمعها سوء الظن بالله .
قال الشاعر :
وأنفع من شاورت من كان ناصحاً . . . شفيقاً فأبصر بعدها من تشاور
وليس بشافيك الشفيق ورأيه . . . عزيبٌ ولا ذو الرأي والصدر واغر
ذكر ما قيل في الأناة والروية
. كانت العرب تحمد الأناة في الرأي وإجالة الفكرة فيه وعدم التسرع .
وكان عبد الله بن وهب الراسبي يقول : إياي والرأي الفطير وكان يستعيذ بالله من الرأي الدبري ؛ وهو الذي يسنح عند الفوت .
وأوصى إبراهيم بن هبيرة ولده فقال : لا تكن أول مشير ؛ وإياك والرأي الفطير ؛ ولا تشيرن على مستبدٍ ، فإن التماس موافقته لؤم والاستماع منه خيانةٌ .
وكان عامر بن الظرب حكيم العرب يقول : دعوا الرأي يغب حتى يختمر ، وإياكم والرأي الفطير يريد الأناة في الرأي والتثبت فيه .
قال شاعر :
تأن وشاور فإن الأمو . . . رمنها مضيءٌ ومستغمض
فرأيان أفضل من واحدٍ . . . ورأي الثلاثة لا ينقض
وقال آخر :
الرأي كالليل مسودٌ جوانبه . . . والليل لا ينجلي إلا بإصباح
فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى . . . مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح

الصفحة 72