كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 73 """"""
وقال المتنبي :
الرأي قبل شجاعة الشجعان . . . هو أولٌ وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرةٍ . . . بلغت من العلياء كل مكان
وقال طاهر بن الحسين :
اعمل صواباً تنل بالحزم مأثرةً . . . فلن يذم لأهل الحزم تدبير
فإن هلكت برأيٍ أو ظفرت به . . . فأنت عند ذوي الألباب معذور
وإن ظفرت على جهلٍ وفزت به . . . قالوا : جهول أعانته المقادير ومن أحسن ما قيل فيمن أشير عليه فلم يقبل ، قول السبيع لأهل اليمامة بعد إيقاع خالد بن الوليد بهم : يا بني حنيفة بعداً كما بعدت عادٌ وثمود ، والله لقد أنبأتكم بالأمر قبل وقوعه ، كأني أسمع جرسه وأبصر غبّه ، ولكنكم أبيتم النصيحة فاجتنيتم الندامة ، وإني لما رأيتكم تتهمون النصيح ، وتسفهون الحليم ، استشعرت منكم اليأس وخفت عليكم البلاء .
والله ما منعكم الله التوبة ولا أخذكم على غرة ، ولقد أمهلكم حتى مل الواعظ وهرأ الموعوظ ، وكنتم كأنما يعنى بما أنتم فيه غيركم ، فأصبحتم وفي أيديكم من تكذيبي التصديق ومن نصحي الندامة ، وأصبح في يدي من هلاككم البكاء ومن ذلكم الجزع ، وأصبح ما كان غير مردود ، وما بقي غير مأمون .
ذكر ما قيل في الاستبداد وترك الاستشارة وكراهة الإشارة
ومن الناس من آثر الاستبداد برأيه وكره أن يستشير .
قال عبد الملك بن صالح : ما استشرت أحداً قط إلا تكبر علي وتصاغرت له ، ودخلته العزة ودخلتني

الصفحة 73