كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 74 """"""
الذلة .
فعليك بالاستبداد ، فإن صاحبه جليلٌ في العيون مهيبٌ في الصدور .
واعلم أنك متى استشرت تضعض شأنك ، ورجفت بك أركانك .
وما عز سلطان لم يغنه عقله عن عقول وزرائه ، وآراء نصحائه . فإياك والمشورة وإن ضاقت عليك المذاهب ، واستبهمت لديك المسالك ، وأنشد :
فما كل ذي نصح بمؤتيك نصحه . . . ولا كل مؤتٍ نصحه بلبيب
وقال المهلب بن أبي صفرة : لو لم يكن بالاستبداد في الرأي إلا صون السر وتوفير العقل لوجب التمسك به .
وقال بزرجمهر : أردت نصيحاً أثق به فما وجدت غير فكري ، واستضأت بنور الشمس والقمر فلم أستضئ بشيء أضوأ من نور قلبي .
وقال علي بن الحسين : الفكرة مرآة تري المؤمن سيئاته فيقلع عنها ، وحسناته فيكثر منها ، فلا تقع مقرعة التقريع عليه ، ولا تنظر عيون العواقب شزراً إليه .
ومازال المنصور يستشير أهل بيته حتى مدحه ابن هرمة بقوله :
يزرن امرأً لا يصلح القوم أمره . . . ولا ينتجي الأدنين فيما يحاول
فاستوى جالساً وقال : أصبت والله واستعاده ، وما استشار بعدها .

الصفحة 74