كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 75 """"""
قالوا : وعلى المستبد أن يتروى في رأيه ، فكل رأيٍ لم تتمخض به الفكرة ليلةً فهو مولود لغير تمامٍ .
قال شاعر :
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا أناءةٍ . . . فإن فساد الرأي أن تتعجلا
وما العجز إلا أن تشاور عاجزاً . . . وما الحزم إلا أن تهم فتفعلا
قال بعض جلساء هارون الرشيد : أنا قتلت جعفر بن يحيى ، وذلك أني رأيت الرشيد يوماً وقد تنفس تنفساً منكراً فأنشدت إثر تنفسه :
واستبدت مرةً واحدةً . . . إنما العاجز من لا يستبد
ومما مدح به ذو الرأي قول بعض الشعراء :
بصيرٌ بأعقاب الأمور كأنما . . . يخاطبه من كل أمرٍ عواقبه
وأين مفر الحزم منه وإنما . . . مرائي الأمور المشكلات تجاربه
وقال البحتري في سليمان بن عبد الله :
كأن آراءه والحزم يتبعها . . . تريه كل خفيٍ وهو إعلان
ما غاب عن عينه فإن القلب يكلؤه . . . وإن تنم عينه فالقلب يقظان

الصفحة 75