كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 6)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
يضحك ، ويستأصل شأفة القوم وهو يمزح ، يخلط الجد بالهزل ، ويتجاوز في العقوبة قدر الذنب ، وربما أحفظه الذنب اليسير ، وربما أعرض صفحاً عن الخطب الكبير ؛ أسباب الموت والحياة متعلقة بطرف لسانه ، لا يعرف ألم العقوبة فيبقي ، ولا يؤنب على بادرة فينتهي ، يخطئ فيصوب ويصيب فيفترض ، مفتون الهوى فظ الخليقة أخرق العقوبة ، لا يمنعه من ذي الخاصة به ما يعلم من عنايته وطول صحبته أن يقتله بخطرة من خطرات موجدته ، ثم لا ينفك أن يخطب إليه موضعه ، فلا الثاني بالأول يعتبر ، ولا الملك عن مثل ما فرط منه يزدجر .
قال عمرو بن هند : الملوك يشتمون بالأفعال لا بالأقوال ، ويسفهون بالأيدي لا بالألسن .
قال معبد بن علقمة :
وتجهل أيدينا ويحلم رأينا . . . ونشتم بالأفعال لا بالتكلم
وأما ما يفضل به الملك على غيره ، فقد قيل : تميّز الملك على غيره إنما يكون بفضيلة الذات لا بفضيلة الآلات . وفضل ذات الملك بخمس خصال : رحمة تشمل رعيته ، ويقظة تحوطهم ، وصولة تذبّ عنهم ، ولين يكيد به الأعداء ، وحزم ينتهز به الفرص ، فهذه فضيلة الذات .
وأما فضيلة الآلات ، فاتخاذ المباني الوثيقة العلية ، والملابس الأنيقة السنية ، والذخائر النفيسة ، والمطاعم الشهية ، والمراكب البهية .
وقالت أم مالك طخارستان لنصر بن سيار : ينبغي للملك أن يكون على

الصفحة 8