كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 10 """"""
وقال أحمد بن محمد بن عبد ربه صاحب العقد : البلاغة تكون على أربعة أوجه : تكون باللفظ والخط والإشارة والدلالة ، وكل وجه منها حظ من البلاغة والبيان وموضع لا يجوز فيه غيره ، ورب إشارة أبلغ من لفظ .
وقال رجل للعتابي : ما البلاغة ؟ قال : كل ما أبلغك حاجتك وأفهمك معناه بلا إعادة ولا حبسة ولا إستعانة فهو بليغ ، قالوا : قد فهمنا الإعادة والحبسة فما معنى الاستعانة ؟ قال : أن يقول عند مقاطع الكلام : اسمع مني ، وافهم عني ، أو يمسح عثنونه ، أو يفتل أصابعه ، أو يكثر التفاته ، أو يسعل من غير سعلة ، أو ينبهر في كلامه قال بعض الشعراء :
ملئ ببهر والتفات وسعلةٍ . . . ومسحة عثنون وفتل الأصابع
ومن كلام أحمد بن إسماعيل الكاتب المعروف بنطاحة ، قال : البليغ من عرف السقيم من المعتل ، والمقيد من المطلق ، والمشترك من المفرد ، والمنصوص من المتأول ، والإيماء من الإيحاء والفصل من الوصل ، والتلويح من التصريح .
ومن أمثالهم في البلاغة قولهم : يقل الحز ويطبق المفصل . وذلك أنهم شبهوا البليغ الموجز الذي يقل الكلام ويصيب نصوص المعاني بالجزار الرفيق الذي يقل حز اللحم ويصيب مفاصله ، وقولهم : يضع الهناء مواضع النقب ، أي لا يتكلم إلا فيما يجب الكلام فيه ، والهناء : القطران . والنقب : الحرب . وقولهم : قرطس فلان فأصاب الغرة ، وأصاب عين القرطاس . كل هذه أمثال للمصيب في كلامه الموجز في لفظه .

الصفحة 10