كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 101 """"""
ومما جاء في النسيب على وجه التشبيه قول امرئ القيس :
عوجاً على الطلل المحيا لعلنا . . . نبكي الديار كما بكى ابن حمام
وأما تأكيد المدح بما يشبه الذم - فهو ضربان : أفضلهما أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشئ صفة مدح بتقدير دخولها فيها ، نحو قوله تعالى : " لايسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً " فالتأكيد فيه من جهة أنه كدعوى الشيء ببينة ، وأن الأصل في الاستثناء الاتصال ، فذكر ذاته قبل ذكر ما بعدها يوم إخراج الشيء مما قبلها ، فإذا وليها صفة مدح جاء التأكيد .
والثاني : أن يثبت لشيء صفة مدح ويعقب بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى لها ، كقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أنا أفصح العرب بيد أني من قريش " وأصل الاستثناء في هذا الضرب أيضاً أن يكون منقطعاً لكنه باق على حاله لم يقدر . متصلاً فلا يفيد التأكيد إلا من الوجه الثاني من الوجهين المذكورين ولهذا كان الأول أفضل .
ومن أمثلة الأول قول النابغة الذبياني :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم . . . بهن فلول من قراع الكتائب
ومن أحسن ما قيل في ذلك قول حاتم الطائي :
ولا تشتكيني جارتي غير أنني . . . إذا غاب عنها بعلها لا أزورها
ومن الثاني قول النابغة الجعدي :
فتى كلمت أخلاقه غير أنه . . . جواد فما يبقى من المال باقيا
ومن أحسن ما ورد في هذا الباب قول بعضهم :
ولا عيب فينا غير أن سماحنا . . . اضربنا والبأس من كل جانب
فأفنى الردى أعمارنا غير ظالم . . . وأفنى الندى أموالنا غير عاتب