كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 103 """"""
وأما الهزل الذي يراد به الجد - فهو أن يقصد المتكلم ذم إنسان أو مدحه فيخرج ذلك مخرج المجون ، كقول الشاعر :
إذا ما تميمي أتاك مفاخراً . . . فقل عد عن ذا كيف أكلك للضب
وأما الكنايات - فهي أن يعبر المتكلم عن المعنى القبيح باللفظ الحسن وعن الفاحش بالطاهر وقد تقدم الكلام على ذلك في باب الكناية والتعرض وهو الباب الرابع من القسم الثاني من هذا الفن ، وهو في السفر الثالث من كتابنا هذا وأما المبالغة - وتسمى التبليغ والإفراط في الصفة - فقد حدها قدامة بأن قال : هي أن يذكر المتكلم حالاً من الأحوال لو وقف عندها لأجزأت فلا يقف حتى يزيد في معنى ما ذكره ما يكون أبلغ في معنى قصده ، كقول عمير بن كريم التغلبي :
ونكرم جارنا ما دام فينا . . . ونتبعه الكرامة حيث مالا
ومن أمثلة المبالغة المقبولة قول امرئ القيس يصف فرساً :
فعادى عداءً بين ثور ونعجة . . . دراكاً ولم ينضح بماء فيغسل
يقول : إنه أدرك ثوراً وبقرة في مضمار واحد ولم يعرق .
وقول المتنبي :
وأصرع أي الوحش قفيته به . . . وأنزل عنه مثله حين أركب
ولا يعاب في المبالغة إلا ما خرج عن حد الإمكان كقوله : وأخفت أهل الشرك حتى إنه . . . لتخافك النطف التي لم تخلق
وأما إذا كان كقول قيس بن الخطيم :
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر . . . لها نفذ لولا الشعاع أضاءها
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها . . . يرى قائماً من دونها ما وراءها

الصفحة 103