كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 109 """"""
وأما تنسيق الصفات - فهو أنم يذكر الشيء بصفات متوالية ، كقوله عز وجل : " هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر " وقوله تعالى : " إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً " وقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة ؟ أحاسنكم أخلاقاً ، المواطئون أكنافاً ، الذين يألفون ويؤلفون " ؛ ومن النطم قول أبي طالب في النبي ( صلى الله عليه وسلم ) :
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه . . . ثمال اليتامى عصمةٌ للأرامل
وقول المتنبي :
دان بعيدٌ محبٌ مبغضٌ بهجٌ . . . أغرٌ حلوٌ ممرٌ لينٌ شرس وأما الإيهام - ويقال له التورية والتخييل - فهو أن يذكر ألفاظاً لها معا قريبة وبعيدة ، فإذا سمعها الإنسان سبق إلى فهمه القريب ، ومراد المتكلم البعيد مثاله قول عمر بن أبي ربيعة :
أيها المنكح الثريا سهيلا . . . عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت . . . وسهيل إذا استقل يماني
فذكر الثريا وسهيلاً ليوهم السامع أنه يريد النجمين ، ويقول : كيف يجتمعان والثريا من منازل القمر الشامية ، وسهيل من النجوم اليمانية ؟ ومراده الثريا التي كان يتغزل بها لما زوجت بسهيل ، ومن ذلك قول المعري :
إذا صدق الجد افترى العم للفتى . . . مكارم لا تخفى وإن كذب الخال
فإن وهم السامع يذهب إلى الأقارب ، ومراده بالجد : الخط ، وبالعم : الجماعة من الناس وبالخال : المخيلة ، ومن ذلك قول الحريري في وصف الإبرة والميل في المقامة الثامنة :