كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 110 """"""
وقوله أيضاً :
يا قوم كم من عاتق عانس . . . ممدوحة الأوصاف في الأندية
قتلتها لا أتقي وارثاً . . . يطلب مني قوداً أو ديه
يريد بالعاتق العانس : الخمر ، وبقتلها : مزجها ، كما قال حسان :
إن التي عاطيتني فرددتها . . . قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
وأمثال ذلك كثيرة : وعند علماء البيان : التخييل تصوير حقيقة الشيء للتعظيم ، كقوله تعالى : " والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه " والغرض منه تصوير عظمته والتوقيف على كنه حلاله من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو مجاز ، وكذلك قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إنما نحن حفنة من حفنات ربنا " قال الزمخشري " ولا يرى باب في علم البيان أدق ولا ألطف من هذا الباب .
وأما حسن الابتداءات - قال : هذه تسمية ابن المعتز ، وأراد بها ابتداءات القصائد ، وفرع المتأخرون من هذه التسمية براعة الاستهلال ، وهو أن يأتي الناظم أو الناثر في ابتداء كلامه ببيت أو قرينة تدل على مراده في القصيدة أو الرسالة أو معظم مراده ، والكاتب أشد ضرورة إلى ذلك من غيره ليبتني كلامه على نسق واحد دل عليه من أول علم بها مقصده ، إما في خطبة تقليد ، أو دعاء كتاب ، كما قيل لكاتب : اكتب إلى الأمير بأن بقرة ولدت حيواناً على شكل الإنسان فكتب : أما بعد حمد الله خالق الإنسان في بطون الأنعام .
وكقول أبي الطيب في الصلح الذي وقع بين كافور وبين ابن مولاه :
حسم الصلح ما اشتهته الأعادي . . . وأذاعته ألسن الحساد
وأمثال ذلك .