كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 115 """"""
وقال قدامة : هو أن يكون في أول البيت معنى إذا علم علمت منه قافية البيت بشرط أن يكون المعنى المقدم بلفظه من جنس معنى القافية كقول الراعي النميري :
فإن وزن الحصى فوزنت قومي . . . وجدت حصى ضريبتهم رزينا
فإن السامع إذا فهم أن الشاعر أراد المفاخرة برزانة الحصى ، وعرف القافية والروي ، علم آخر البيت ، ومن أمثلته ما حكى عن عمر بن أبي ربيعة أنه أنشد عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما : " تشط غدا دار أحبابنا فقال له عبد الله : " وللدار بعد غد أبعد " فقال له عمر : هكذا والله قلت ، فقال له عبد الله : وهكذا يكون .
وأما الإيغال - فمعناه أن المتكلم أو الشاعر إذا انتهى إلى آخر القرينة أو البيت استخرج سجعة أو قافية تفيد معنى زائداً على معنى الكلام ، وأصله من أوغل في السير إذا بلغ غاية قصده بسرعة . وفسره قدامة بأن قال : هو أن يستكمل الشاعر معنى بيته بتمامة قبل أن يأتي بقافيته ، فإذا أراد الإتيان بها أفاد معنى زائداً على معنى البيت ، كقول ذي الرمة :
قف العيس في آثار مية واسأل . . . رسوماً كأخلاق الرداء المسلسل
فتمم كلامه قبل القافية ، فلما احتاج إليها أفاد بها معنى زائداً ، وكذلك صنع في البيت الثاني فقال :
أظن الذي يجدي عليك سؤالها . . . دموعاً كتبذير الجمان المفصل

الصفحة 115