كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 116 """"""
فإنه تمم كلامه بقوله : كتبذير الجمان ، واحتاج إلى القافية فأتى بها تفيد معنى زائداً لو لم يؤت بها لم يحصل .
وحكى عن الأصمعي أنه سئل عن أشعر الناس فقال : الذي يأتي إلى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه كثيراً وينقضي كلامه قبل القافية فإن احتاج إليها أفاد بها معنى ، فقيل له : نحو من ؟ فقال : نحو الفاتح لأبواب المعاني امرئ القيس حيث قال :
كأن عيون الوحش حول خبائنا . . . وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
ونحو زهير حيث يقول :
كأن فتات العهن في كل منزل . . . نزلن به حب الفنا لم يحطم
ومن أبلغ ما وقع في هذا الباب قول الخنساء :
وإن صخراً لتأتم العفاة به . . . كأنه علم في رأسه نار
ومنه قول ابن المعتز لابن طباطبا العلوي :
فأنتم بنوا بنته دوننا . . . ونحن بنوا عمه المسلم
ومن أمثلة ذلك من شعر المتأخرين قول الباخرزي :
أنا في فؤادك فارم طرفك نحوه . . . ترني فقلت لها وأين فؤادي
وقول آخر :
تعجبت من ضني جسمي فقلت لها . . . على هواك فقالت عندي الخبر .
وأما الإشارة - فهي أن يشتمل اللفظ القليل على معان كثيرة بإيماء إليها وذكر لمحة تدل عليها ، كقوله تعالى : " فأوحى إلى عبده ما أوحى " " فغشيهم من اليم ما غشيهم " .
الصفحة 116
236