كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 119 """"""
أن معنى قولها : " فأقسم يا عمرو لو نبهاك " يقتضي أن يكون تمامه : " إذن نبها منك داءً عضالا " دون غيرك من القوافي ، كما لو قالت مكان " داء عضالا " ليثا غضوباً ، أو أفعى قتولا أو أسماء وحياً ، أو ما يناسب ذلك ، لأن ذلك الداء العضال أبلغ من جميع هذه الأشياء وأشد ، إذ كل منها يمكن مغالبته أو التوقي منه ، والداء العضال لا دواء له ، فهذا مما يعرف بالمعنى .
وأما يدل فيه الأول على الثاني دلالة لفظية فهو قولها بعده :
إذن نبها ليث عريشة . . . مفتياً مفيداً نفوساً ومالا
فإن الحاذق بصناعة الكلام إذا سمع قولها : " مفتياً مفيداً " تحقق أن هذا اللفظ يقتضي أن يكون تمامه " نفوسنا ومالا " وكذلك قولها : " فكنت النهار به شمسه " يقتضي أن يكون " بعده " " وكنت دجى الليل فيه الهلالا " ومن ذلك قول البحتري : " وإذا حاربوا أذلوا عزيزاً " يحكم السامع بأن تمامه : " وإذا سالموا أعزوا ذليلاً " وكذلك قوله :
أحلت دمي من غير جرم وحرمت . . . بلا سبب يوم اللقاء كلامي
" فليس الذي حللته بمحلل "

الصفحة 119