كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 120 """"""
يعرف السامع أن تمامه : " وليس الذي حرمته بحرام " وأما الاستخدام - فهو أن يأتي المتكلم بلفظة لها معنيان ، ثم يأتي بلفظتين يستخدم كل لفظة منهما في معنى من معني تلك اللفظة المتقدمة ، وربما ألتبس الاستخدام بالتورية من كون كل واحد البابين مفتقراً إلى لفظة لها معنيان والفرق بينهما أن التورية استعمال أحد المعنيين من اللفظة ، وإهمال الآخر ، والاستخدام استعمالهما معاً ، ومن أمثلته قول البحتري :
فسقى الغضي والساكنيه وإن همو . . . شبوه بين جوانح وقلوب
فإن لفظة الغضي محتملة للموضع والشجر ، والسقيا صالحة لهما ، فلما قال : " والساكينه " استعمل أحد معنيي اللفظ ، وهو دلالته بالقرينة على الموضع ولما قال : " شبوه " استعمل المعنى الآخر ، وهو دلالته بالقرينة على الشجرة ومن ذلك قول الشاعر :
إذا زل السماء بأرض قوم . . . رعيناه وإن كانوا غضابا
أراد بالسماء الغيث وبضميره النبت وأما العكس والتبديل - فهو أن يقدم في الكلام أحد جزئيه ثم يؤخر ويقع على وجوه : منها أن يقع بين طرفي الجملة ، كقول بعضهم : عادات السادات ، سادات العادات ، ومنها أن يقع بين متعلقي فعلين في جملتين ، كقوله تعالى : " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي " ومنه بيت الحماسة :
فرد شعورهن السود بيضاً . . . ورد وجوههن البيض سودا .
ومنها أن يقع بين كلمتين في طرفي جملتين ، كقوله تعالى : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " وقوله تعالى : " لا هن حل لكم ولا هم يحلون لهن "
الصفحة 120
236