كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 122 """"""
ومنه قول ابن الرومي في تفصيل القلم على السيف .
إن يخدم القلم السيف الذي خضعت . . . له الرقاب ودانت خوفه الأمم
فالموت والموت لا شئ يعادله . . . ما زال يتبع ما يجري به القلم كذا قضى الله للأقلام مذ بريت . . . أن السيوف لها مذ أرهقت خدم
وغايره المتنبي على الطريق المألوف فقال :
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي . . . المجد للسيف ليس المجد للقلم
اكتب بها أبدأ قبل الكتاب بنا . . . فإنما نحن للأسياف كالخدم
وأما الطاعة والعصيان - فإنه قال : هذا النوع استنبطه أبو العلاء المعري عند نظره في شعر أبي الطيب ، وسماه بهذه التسمية ، وقال : هو أن يريد المتكلم معنى من المعاي التي لبديع فيستعصي عليه لتعذر دخوله في الوزن الذي هو آخذ فيه فيأتي موضعه بكلام غيره يتضمن معنى كلامه ، ويقوم به وزنه ، ويحصل به معنى من البديع غير الذي قصده ، كقول المتنبي :
يرد يدا عن ثوبها وهو قادر . . . ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد
فإنه أراد أن يقول : يرد عن ثوبها وهو مستيقظ ، حتى إذا قال : ويعصى الهوى في طيفها وهو راقد يكون في البيت مطابقة ، فلم يطعه الوزن ، فأتى بقادر في موضع مستيقظ لتضمنه معناه ، فإن القادر لا يكون إلا مستيقظاً وزيادة ، فقد عصاه في البيت الطباق وأطاعه الجناس بين قادر وراقد ، وهو جناس العكس .
وأنكر ابن أبي الإصبع أن يكون هذا الشاهد من باب الطاعة والعصيان ، لأنه كان يمكنه أن يقول عوض قادر : ساهر ، وإنما المتنبي قصد أن يكون في بيته طباق معنوي ، لأن لقادر ساهر وزيادة ، إذ ليس كل ساهر قادراً ، وأن يكون فيه جناس العكس .
وقال : إن شاهد الطاعة والعصيان عنده أن تعصيه إقامة الوزن مع إظهار مراده ، فتطيعه لفظة من البديع يتمم بها المعنى وتزيده حسناً ، كقول عوف بن محلم :

الصفحة 122