كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 131 """"""
ومنه قول الحيص بيص :
إلام يراك المجد في زي شاعر . . . وقد نحلت شوقاً فروع المنابر
كتمت بصيت الشعر علماً وحكمة . . . ببعضهما ينقاد صعب المفاخر
اما وأبيك الخير إنك فارس ال . . . الكلام ومحيي الدراسات الغوابر
وأما التكميل - فهو أن يأتي المتكلم أو الشاعر بمعنىً من مدح أو غيره من فنون الكلم وأغراضه ، ثم يرى مدحه بالاقتصار على ذلك المعنى فقط غير كامل ، كمن أراج مدح إنسان بالشجاعة ، ثم رأى الاقتصار عليها دون مدحه بالكرم مثلاً غير كامل أو بالبأس دون الحلم ، ومثال ذلك قول كعب بن سعد الغنوي :
حليمٌ إذا ما الحلم زين أهله . . . مع الحلم في عين العدو مهيب
قوله : " إذا ما الحلم زين أهله " احتراس لولاه لكان المدح مدخولاً ، إذ بعض التغاضي قد يكون عن عجزٍ وإنما يزين الحلم أهله إذا كان قدرة ، ثم رأى أن يكون مدحه بالحلم وحده غير كامل ، لأنه إذا لم يعرف منه إلا الحلم طمع فيه عدوه فقال : " في عين العدو مهيب " ، ومنه قول السموءل بن عادياء :
وما مات منا سيد في فراشه . . . ولا طل منا حيث كان قتيل
لأن صدر البيت وإن تضمن وصفهم بالإقدام والصبر وربما أوهم العجز لأن قتل الجميع يدل على الوهن والقلة فكمله بأخذهم للثأر ، وكمل حسنه بقوله : " حيث كان " فإنه أبلغ في الشجاعة ؛ ومن ذلك في النسيب قول كثير :
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى . . . في الحسن عند موفق لقضى لها
لأن قوله : " عند موفق " تكميل للمعنى ، إذ ليس كل من يحاكم إليه موفقاً ؛ ومنه قول المتنبي :
أشد من الرياح الهوج بطشاً . . . وأسرع في الندى منها هبوبا

الصفحة 131