كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 133 """"""
ومما جمع بين المناسبتين قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اللهم إني أسألك رحمة تهدي بها قلبي ، وتجمع بها أمري ، وتلم بها شعثي ، وتصلح بها غايتي ، وترفع بها شاهدي ، وتزكي بها عملي ، وتلهمني بها رشدي ، وترد بها ألفتي ، وتعصمني بها من كل سوء ، اللهم إني أسألك العون في القضاء ، ونزل الشهداء ، وعيش السعداء ، والنصر على الأعداء " فناسب ( صلى الله عليه وسلم ) بي قلبي وأمري ، وغايتي وشاهدي مناسبة غير تامة ، لأنها في الزنة دون التفقية ، وناسب بين القضاء والشهداء والسعداء والأعداء مناسبة تامة في الزنة والتفقية ؛ ومن أمثلة المناسبتين قول أبي تمام :
مها الوحش إلا أن هاتا أوانسٌ . . . قنا الحط إلا أن تلك ذوابل
فناسب بين مها وقا مناسبة تامة ، وناسب بين الوحش والخط ، وأوانس وذوابل مناسبة غير تامة .
وأما التفريع - فهو أن يصدر المتكلم أو الشاعر كلامه باسم منفىً بينما " خاصة ، ثم يصف الاسم المنفي بمعظم أوصافه اللائقة به في الحسن أو القبح ، ثم يجعله أصلاً يفرع منه جملةً من جار ومجرور متعلقة به تعلق مدحٍ أو هجاء أو فخرٍ أو نسيب أو غير ذلك ، يفهم من ذلك مساواة المذكور بالاسم المنفي الموصوف كقول الأعشى :
ما روضةٌ من رياض الحزن معشبةٌ . . . خضراء جاد عليها مسبلٌ هطل
يضاحك الشمس منها كوكب شرقٌ . . . مؤزر بعميم النبت مكتهل
يوماً بأطيب منها طيب رائحةً . . . ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
وقول عاتكة المرية :
وما طعم ماء أي ماء تقوله . . . تحدر من غرٍ طوال الذوائب
بمنعرج من بطن وادٍ تقابلت . . . عليه رياح الصيف من كل جانب

الصفحة 133