كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 135 """"""
فلما سمعت الرعيل ، برزت من الصرم بصبر قد عيل ؛ فسألت عن الواحد فقيل : لحده اللاحد .
فكرت تبتغيه فصادفته . . . على دمه ومصرعه السباعا
عبثن به فلم يتركن إلا . . . أديما قد تمزق أو كراعا
بأشد من عبده تأسفاً ، ولا أعظم كمداً وتلهفاً .
قال : وذكر ابن أبي الإصبع في التفريع قسما ذكره في صدر الباب ، وقال : إنه هو الذي استخرجه ، وهو أن يبتدئ الشاعر بلفظة هي إما اسم أو صفة ، ثم يكررها في البيت مضافة إلى أسماء وصفات تتفرع عليها جملةٌ من المعاني في المدح وغيره ، كقول المتنبي :
أنا ابن اللقاء أنا ابن السخاء . . . أنا ابن الضراب أنا ابن الطعان
أنا ابن الفيافي أنا ابن القوافي . . . أنا ابن السروج أنا ابن الرعان
طويل النجاد طويل العماد . . . طويل القناة طويل السنان
حديد اللحاظ حديد الحفاظ . . . حديد الحسام حديد الجنان
وأما نفي الشيء بإيجابه - فهو أن يثبت المتكلم شيئاً في ظاهر كلامه وينفى ما هو من سببه مجازاً ، والمنفي في باطن الكلام حقيقة هو الذي أثبته كقول امرئ القيس :
على لاحب لا يهتدي بمناره . . . إذا سافه العود النباطي جرجرا
فظاهر هذا الكلام يقتضي إثبات منار لهذه الطريق ، ونفي الهداية به مجازاً وباطنه في الحقيقة يقتضي نفي المنار جملة ، والمعنى أن هذه الطريق لو كان لها منار ما اهتدى به ، فكيف ولا منار لها ، كما تقول لمن تريد أن تسلبه الخير : ما أقل خيرك فظاهر كلامك يدل على إثبات خير قليل ، وباطنه نفى الخير كثيره وقليله . وقول الزبير بن عبد المطلب يمدح عميلة بن عبد الدار - وكان نديماً له - :
الصفحة 135
236