كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 141 """"""
وكل هذا هو الدين المجازي الذي لا يكتب ولا يشهد عليه ، ولما كان المراد من الآية تمييز الدين المالي الذي يكتب ويشهد عليه ، وتيسير أحكامه ، أوجبت البلاغة أن يقول : " بدين " ليعلم حكمه .
وأما القول بالموجب - فهو ضربان : أحدهما أن تقع صفةٌ في كلام مدعٍ شيئاً يعني به نفسه ، فثبتت تلك الصفة لغيره من غير تصريح بثبوتها له ، ولا نفيها عنه ، كقوله تعالى : " يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " فإنهم كنوا بالأعز عن فريقهم ، وبالأذل عن فريق المؤمنين ، فأثبت الله عز وجل صفة العزة لله ولرسوله وللمؤمنين من غير تعرضٍ لثبوت حكم الإخراج بصفة العزة ولا لنفيه .
والثاني حمل كلام المتكلم مع تقريره على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلقه كقول الشاعر :
قلت : ثقلت إذ أتيت مراراً . . . قال : ثقلت كاهلي بالأيادي
قلت : طولت قال : لي بل تطول . . . ت وأبرمت قال : حبل الوداد
ومنه قول الأرجاني : " غالطتني أذ كست جسمي ضنىً " البيتين ، وقد تقدم الاستشهاد بهما في الاستدراك .
وللمولى شهاب الدين محمود الحلبي الكاتب في ذلك :
رأتني وقد نال مني النحول . . . وفاضت دموعي على الخد فيضا
فقالت : بعيني هذا السقام . . . فقلت : صدقت ، وبالخصر أيضا
وقول محاسن الشواء :
ولما أتاني العاذلون عدمتهم . . . وما فيهمو إلا للحمى قارض
وقد بهتوا لما رأوني شاحباً . . . وقالوا : به عينٌ فقلت : وعارض

الصفحة 141