كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 144 """"""
فلم يعرف مراده " ببنت من " هل أراد به الرفعة أو الضعة ؟ ومنه قول بشار في خياط أعور اسمه عمرو :
خاط عمرو لي قباء . . . ليت عيينه سواء
فأبهم المعنى في الدعاء له بالدعاء عليه .
وأما حصر الجزئي وإلحاقه بالكليّ . . . فهو كقول السّلاميّ :
إليك طوى عرض البسيطة جاعلٌ . . . قصاري المطايا أن يلوح لها القصر
فكنت وعزمي في الظلام وصارمي . . . ثلاثة أشباه كما اجتمع النّسر
وبشّرت آمالي بملك هو الورى . . . ودارٍ هي الدنيا ، ويومٍ هو الدهر .
فأما حصر أقسام الجزئي فإن العالم عبارةٌ عن أجسامٍ وظروف زمانٍ وظروف مكانٍ ، وقد حصر ذلك ؛ وأما جعله الجزئي كلّيّاً فإن الممدوح جزء من الورى ، والدار جزء من الدنيا ، واليوم جزء من الدهر .
وأما المقارنة - فهي أن يقرن الشاعر الاستعارة بالتشبيه أو المبالغة أو غير ذلك بوصل يخفى أثره إلا على مدمن النظر في هذه الصناعة ، وأكثر ما يقع ذلك بالجمل الشرطية ، كقول بعض شعراء المغرب :
وكنت إذا استنزلت من جانب الرضى . . . نزلت نزول الغيث في البلد المحل
وإن هيّج الأعداء منك حفيظةً . . . وقعت وقوع النار في الحطب الجزل
فإن لاءم بين الاستعارة والتشبيه المنزوع الأداة في صدري بيتية وعجزيهما .
وأما ما قرنت به الاستعارة من المبالغة فمثاله قول النابغة الذبياني :
وأنت ربيع ينعش الناس سيبه . . . وسيف أعيرته المنية قاطع

الصفحة 144