كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 149 """"""
وامتطى السبيل الأحوى إلى أن حل بالأبلق . يريد بالأبلق : القصر الظاهري الذي بالميدان الأخضر مدينة دمشق ؛ ومن أمثلة هذا الباب قول ابن حيوس الدمشقي :
إن ترد علم حالهم عن يقين . . . فالقهم يوم نائل أو قتال
تلق بيض الوجوه سود مثار الن . . . قع خضر الأكناف حمر النضال
وأما الموجه - فهو الذي يمدح بشيء يقتضي المدح بشيء آخر ، كقول المتنبي :
نهبت من الأعمار ما لو حويته . . . لهنئت الدنيا بأنك خالد
وكقوله أيضاً :
عمر العدو إذا لاقاه في رهج . . . أقل من عمر ما يحوى إذا وهبا
فأول البيتين وصفٌ بفرط الشجاعة ، وآخر الأول بعلو الدرجة ، وآخر الثاني بفرط الجود .
وأما تشابه الأطراف - فهو أن يجعل الشاعر قافية بيته الأول أول البيت الثاني ، وقافية الثاني أول الثالث ، وهكذا إلى انتهاء كلامه ، ومن أحسن ما قيل فيه قول ليلى الأخيليلة تمدح الحجاج :
إذا نزل الحجاج أرضاً مريضة . . . تتبع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها . . . غلام إذا هز القناة سقاها
سقاها فرواها بشرب سجالها . . . دماء رجال يحلبون صراها هذا ما أورده في حسن التوسل من علوم المعاني والبيان والبديع ، وقد أتينا على أكثره بنصه لما رأيناه من حسن تأليفه ، وبديع ترصيفه ، وأن اختصاره لا يمكن إلا عند الإخلال بفائدة لا يستغنى عنها فلم نحذف منه إلا ما تكرر من الأمثلة والشواهد ، لاستغنائنا بما أوردناه عما حذفناه ، فالنسبة فيه إلى فضائله وفضله والعمدة على شواهده ونقله ؛ فلقد أحسن التأليف ، وأجاء التعريف ، واحتمل التوقيف ؛ وحر الشواهد ، وأوضح السبيل حتى صار الغائب عن هذه الصناعة إذا طالع كتابه كالشاهد ؛ وأبدع في صناعة البديع ، وبين علم البيان بحسن الترصيف والترصيع ؛ واعتنى بألفاظ

الصفحة 149