كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 150 """"""
المعاني فصرف أعنتها ببنانه ، وأبان مشكلها فأحسن في بيانه ؛ وحلّ من التعقيد عقالها الذي عجز غيره عن حله ، وسهّل للأفهام مقالها فأبرزته الألسنة من محرم اللفظ إلى حله ، فله المنة فيما ألف ، والفضل بما صنف .
وأما ما يتصل بذلك من خصائص الكتابة - فالاقتباس والاستشهاد والحل : فالاقتباس هو أن يضمن الكلام شيئاً من القرآن أو الحديث ، ولا ينبه عليه للعلم به ، كما في خطب ابن نباتة ، كقوله : فيا أيها الغفلة المطرقون ، أما أنتم بهذا الحديث مصدقون ؟ مالك لا تشفقون ؟ " فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " وكقوله أيضاً : يوم يبعث الله العالمين خلقاً جديداً ، ويجعل الظالمين لجهنم وقودا ، يوم تكونون " شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً " " يوم تجد كل نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً وما عملت من سوءٍ تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً " ومن ذلك ما أورد المولى شهاب الدين محمود في تقليد عن الإمام الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بالسلطنة ، جاء منه : وجمع بك شمل الأمة بعد أن " كاد يزيغ قلوب فريق منهم " وعضدك لإقامة إمامته بأولياء دولتك الذين رضى الله عنهم ؛ وخصك بأنصار دينه الذين نهضوا بما أمروا به من طاعتك وهم فارهون ، وأظهرك على الذين " ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون " وأمثال ذلك .
وأما الاستشهاد بالآيات - فهو أن ينبه عليها ، كقول الحريري : فقلت وأنت أصدق القائلين : " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين " ونحو ذلك .
وفي الأحاديث بالتنبيه عليها أيضاً ، كقول المولى شهاب الدين محمود في خطبة تقليد حاكمي : ونصلي على سيدنا محمد الذي استخرجه الله من عنصر أهله وذويه ، وشرف قدر جده بقوله فيه : " إن عم الرجل صنو أبيه " وسره بما أسر إليه من أن هذا الأمر فتح به ويختم ببنيه . وأمثال ذلك لا تحصر .
الصفحة 150
236