كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 152 """"""
يكون استعمال ذلك كاستعمال البديع إذا أتى عفواً من غير تكلف ليكون كالشاهد على صحة الكلام ، والدال على الاطلاع ، وكالرقم في الثوب ، والشذرة في القلادة والواسطة في العقد ، إذ لا ينبغي للكاتب أن يخلى كلامه من نوع من أنواع المحاسن .
ويقرب من هذا النوع التلميح ، وقد تقدم ذكره في بعض أبواب البديع ، والذي يقع في بعض استعماله في مثل ذلك مثل قول الحريري : وإني والله لطالما لقيت الشتاء بكافاته ، وأعددت الأهبة له قبل موافاته . يشير إلى بيتي ابن سكرة : جاء الشتاء وعندي من حوائجه وهي مشهورة .
فإذا عرف الكاتب هذه العلوم ، وأتى الصناعة من هذه الأبواب تعين عليه أمور أخر نذكرها الآن .
ذكر ما يتعين على الكاتب استعماله والمحافظة عليه والتمسك به وما يجوز في الكتابة وما لا يجوز
قال إبراهيم بن محمد الشيباني : فإن احتجت إلى مخاطبة الملوك والوزراء والعلماء والكتاب والأدباء والخطباء والشعراء وأوساط الناس وسوقتهم ، فخاطب كلا على قدر أبهته وجلالته ، وعلوه وارتفاعه ، وفطنته وانتباهه ، ولكل طبقة من هذه الطباق معان ومذاهب يجب عليك أن ترعاها في مراسلتك إياهم في كتبك ، وتزن كلامك في مخاطبتهم بميزانه ، وتعطيه قسمته ، وتوفيه نصيبه ، فإنك متى أهملت ذلك وأضعته لم آمن عليك أن تعدل بهم عن طريقهم ، وتسلك بهم غير مسلكهم ، وتجرى شعاع بلاغتك في غير مجراه ، وتنظم جوهر كلامك في غير سلكه ، فلا تعتد بالمعنى الجزل ما لم تلبسه لفظاً لائقاً بمن كاتبته ، وملامساً لمن راسلته ، فإن إلباسك المعنى

الصفحة 152