كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 154 """"""
فمما أجيز في الشعر من الحذف قول الشاعر : قواطناً مكة من ورق الحما يريد الحمام ، وكقول الآخر : صفر الوشاحين صموت الخلخل يريد الخلخال ، وكقول الحطيئة : فيها الرماح وفيها كل سابغة . . . جدلاء مسرودةٍ من فعل سلام
يريد سليمان وكقول الآخر :
وسائلةٍ بثعلبة بن سبر . . . وقد علقت بثعلبة العلوق
يريد ثعلبة بن سيار ، وكقول الآخر :
فلست بآيته ولا أستطيعه . . . ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل
أراد ولكن قال : وكذلك لا ينبغي في الرسائل أن يصغر الاسم في موضع التعظيم وإن كان ذلك جائزاً ، مثل قولهم : دويهيةٌ تصغير داهية ، وجذيلٌ وعذيقٌ ، تصغير جذلٍ وعذقٍ . قال لبيد :
وكل أناس سوف تدخل بينهم . . . دويهيةٌ تصفر منها الأنامل
قال : فتخير في الألفاظ أرجحها وزناً ، وأجزلها معنى ، وأشرفها جوهراً وأكرمها حسباً ، وأليقها في مكانها ، وأدر الكلام في أماكنه ، وقلبه على جميع وجوهه ، ولا تجعل اللفظة قلقة في موضعها ، نافرةً عن مكانها ، متى فعلت ذلك هجنت الموضع الذي حاولت تحسيه ، وأفسدت المكان الذي أردت إصلاحه فإن وضع الألفاظ في غير أماكنها ، والقصد بها إلى غير مظانها ، إنما هو كترقيع الثوب الذي إن لم تتشابه رقاعه ، ولم تتقارب أجزاؤه ، خرج عن حد الجدة ، وتغير حسنه ، كما

الصفحة 154