كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 162 """"""
وقعة إلا آحادٌ عن مصارع ألوفهم ؛ ولقد أضاع الحزم من حيث لم يستدم نعم الله عليه بطاعتنا التي كان في مهاد أمنها ، ووهاد يمنها ؛ وحماية عفوها ، وبرد رأفتها التي كدرها بالمخالفة بعد صفوها ؛ يصون رعاياه بالطاعة عن القتل والإسار ، ويحمي أهل ملته بالجذر م الحركات التي ما نهضوا إليها إلا وجروا ذيول الخسار ؛ ولقد عرّض نفسه وأصحابه لسيوفنا التي كان من سطواتها في أمان ، ووثق بما ضمن له التتار من نصره وقد رأى ما آل إليه أمر ذلك الضمان ؛ وجر لنفسه بموالاة التتار عناءً كان عنه في غنى ، وأوقع روحه بمظافرة المغول في حومة السيوف التي تخطفت أولياءه من هنا ومن هنا ؛ واقتحم بنفسه موارد هلاك سلبت رداء الأمن عن منكبيه واغتر هو وقومه بما زين لهم الشيطان من غروره " فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه " وما هو والوقوف في هذه المواطن التي تتزلزل فيها أقدام الملوك الأكاسرة وأنى لضعاف النقاد قدرةٌ على الثبات لوثبات الأسود الضارية والليوث الكاسره ؛ لقد اعترض بين السهم والهدف بنحره ، وتعرض للوقوف بين ناب الأسد وظفره ؛ وهو يعلم أننا مع ذلك نرعى له حقوق أسلافه التي ماتوا عليها ، ونحفظ له خدمة آبائه التي بذلوا نفوسهم ونفائسهم في الوصول إليها ؛ ونجريه وأهل بلاده مجرى أهل ذمتنا الذين لا نؤيسهم من عفونا مهما استقاموا ، ونسلك بهم حكم من في أطراف البلاد من راعايانا الذين هم في قبضتنا نزحوا أو أقاموا ؛ ونحن نتحقق أنه ما بقي ينسى ملازمة ربقة الحتف خناقه ، ولا يرجع يهور نفسه في موارد الهلاك ، وهل يرجع إلى الموت من ذاقه ؟ فيستدرك باب الإنابة قبل أن يغلق دونه ، ويصون نفسه وأهله قبل أن تبذل السيوف الإسلامية مصونه ، ويبادر إلى الطاعة قبل أن يبذلها فلا تقبل ، ويتمسك بأذيال العفو قبل أن ترفع دونه فلا تسبل ؛ ويعجل بحمل أموال القطيعة وإلا كان أهله وأولاده في جملة ما يحمل منها إلينا ، ويسلم مفاتح ما عدا عليه من فتوحنا ، وإلا فهو يعلم أنها وجميع ما تأخر في بلاده بين يدينا ؛ ويكون هو السبب في تمزق شمله ، وتفرق أهله ، وقلع بيته من أصله ؛ وهدم كنائسه ، وابتذال نفسه ونفائسه ؛ واسترقاق حرمه ، واستخدام أولاده قبل خدمه ؛ واقتلاع قلاعه ، وإحراق ربوعه ورباعه ، وتعجيل رؤية ما أوعد به قبل سماعه ، ومن لقازان بأن يجاب إلى مثل ذلك ، أو يسمح له مع الأمن من سيوفنا ببعض ما في يده من الممالك ؛ ليقنع بما أبقت جيوشنا المؤيدة في يده من الخيل والخول ، ويعيش في الأمن ببعض ما نسمح له به ، ومن للعور بالحول ؛ والسيوف

الصفحة 162