كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 163 """"""
الآن مصغيةٌ إلى جوابه لتكف إن أبصر سبل الرشاد ، أو تتعوض برءوس حماته وكماته عن الأغماد إن أصر على العناد ، والخير يكون . به لتكف إن أبصر سبل الرشاد ، أو تتعوض برءوس حماته وكماته عن الأغماد إن أصر على العناد ، والخير يكون .
أما التقاليد والمناشير والتواقيع وما يتعلق بذلك - فالأحسن فيها بسط الكلام ، وتعتبر كثرته وقلته بحسب الرتب ، ويجب أن يراعى فيها أمور : منها براعة الاستهلال بذكر الرتبة أو الحال ، أو قدر النعمة ، أو لقب صاحب التقليد أو اسمه بحيث لا يكون المطلع أجنبياً من هذه الأحوال ، ولا بعيداً منها ، ولا مبايناً لها ، ثم يستصحب ما سناسب الغرض ويوافق المقصد من أول الخطبة إلى آخرها ؛ قال : ويحسن أن يكون الكلام في التقليد منقسماً إلى أربعة أقسام متقاربة المقادير ، فالربع الأول الخطبة ، والثاني ذكر موقع الإنعام في حق المقلد ، وذكر الرتبة وتفخيم أمرها ، والثالث في أوصاف المقلد وذكر ما يناسب تلك الرتبة ويناسب حاله من عدل وسياسة ومهابةٍ وبعد صيت ، وسمعةٍ وشجاعةٍ إن كان نائباً ، ووصف العدل والرأي وحسن التدبير ، والمعرفة بوجوه الأموال ، وعمارة البلاد ، وصلاح الأحوال ، وما يناسب ذلك إن كان وزيراً ؛ وكذلك في كل رتبة بحسبها ، والرابع في الوصايا ؛ ومنها أن يراعي المناسبة وما تقتضيه الحال ، فلا يعطي أحداً فوق حقه ، ولا يصفه بأكثر مما يراد من مثله ، ويراعى أيضاً مقدار النعمة والرتبة ، فيكون وصف المنة على مقدار ذلك .
ومنها أن لا يصف المتولي بما يكون فيه تعريضٌ بالمعزول وتنقص له ، فإن ذلك مما يوغر الصدور ، ويؤرث الضغائن في القلوب ، ويدل على ضعف الآراء في اختيار الأول ، وله أن يصف الثاني بما يحصل به المقصود من غير تعريض بالأول ؛ ومنها أن يتخير الكلام والمعاني ، فإنه مما يشيع ويذيع ، ولا يعذر المقصر في ذلك بعجلة ولا ضيق وقت ، فإن مجال الكلام عليه متسع ، والبلاغة تظهر في القليل والكثير ، والأمر الجاري في ذلك على العادة معروف ، لكن تقع أشياء خارجةٌ عن العادة ، نادرة الوقوع ، فيحتاج الكاتب فيها إلى حسن التصرف على ما تقتضيه الحال ؛ فمن ذلك تقليدٌ من إنشاء المولى الفاضل شهاب الدين محمود الحلبي كتبه لمملك سيس بإقراره على ما قاطع النهر من بلاده ، وهو : الحمد لله الذي خص أيامنا الزاهرة باصطناع ملوك الملل ، وفضّل دولتنا القاهرة بإجابة من سأل بعض ما أحرزته لها البيض والأسل ، وجعل من خصائص
الصفحة 163
236