كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 168 """"""
ومنه : وفوضت إليه مراسمنا الحكم في الرعايا بالعدل والإحسان ، وقلدته أوامرنا من عقود النظر في تلك الممالك ما تود جباه الملوك لو حلت بدرها معاقد التيجان ، وعلقت به من الأوامر ما بنا تنفذ مواقعه ، وكذا الأمور المعتبرة لا تنفذ إلا بسلطان ؛ من ألقى الله الإيمان في قلبه ، وهداه إلى دين الإسلام فأصبح فيه على بينة من ربه ، وأراد به خيراً فنقله من حزب الشيطان إلى حزبه ، وأنفذه بطاعته من موارد الهلاك بعد أن كان قد أذن بحرب من الله ورسوله ، ولقد خسر الدين والدنيا والآخرة من أذن من الله بحربه ؛ وأيقظه من طاعتنا التي أوجبها على الأمم لما أبصر به رشده ، ورأى قصده وعلم به أن الذي كان فيه كسرابٍ بقيعة لم يجده شيئاً ، وأن الذي انتقل إليه وجد الله عنده ؛ وأنهضه من موالاتنا بما حتم به النهوض على كل من كان مسلماً ، وأخرجه بنور الهدى من عداد أعدائه الذين تركهم خوفنا " كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً " وأراه الرشد ما علم به أن الله تعالى أورثنا ملك الإسلام فبطاعتنا يتم الانتماء إليه ، وأعطانا مقاليد البسيطة فمن اغتصب منها شيئاً انتزعه الله لنا بجنوده المسومة من يديه ؛ فلجأ من أبوابنا العالية إلى الظل الذي يلجأ إليه كل ذي منبر وسرير ، ورجا من كرمنا الاعتصام بجيوشنا التي ما رمينا بها عدواً إلا ظن أن الرمال تسيل والجبال تسير ؛ وتحيز منا إلى فئة الإسلام ، وانتصر بسوفنا التي هو يعلم كيف يسلها على العدا الأحلام ؛ ومت إلينا بذمة الإسلام وهي عندنا أبر الذمم ، وطلب تقليده الحكم منا من عرف بإعاذته النظرات الصادقة أنه كان يحسب الشحم فيمن شحمه ورم ؛ وعقد بنا بناء رجائه ، وهل لمسلم عن ملك الإسلام من معدل ؟ وأنزل بنا ركائب آماله ، وهل بعد رامة لمرامٍ من منزل ؟ فتلقت نعمنا كرائم قصده بالترحيب ، وأحلت وفادة انتمائه بالحرم الذي شأوه بعيد ونصره قريب ؛ وتسارعت إلى نصرته جنودنا التي أيامها مشهورةٌ في

الصفحة 168