كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 169 """"""
عدوها ، وآثارها مشكورة في رواحها وغدوها ، وأعلامها منصورةٌ في انتزاحها ودنوها ؛ وتتابعت يتلو بعضها بعضاً تتابع الغمام المتراكم ، والموج المتلاطم ؛ تقدم عليه بالنصر القريب من الأمد البعيد ، وتعلم بوادرها أن طلائعها عنده وساقتها بالصعيد ؛ ولما كان فلان هو الذي أراد الله به من الخير ما أراد ، ووطد له بعنايته أركان الرشاد ؛ وجعل له بعد الجهل به علماً ، وتداركه برحمته ، فما أمسى للإسلام عدواً حتى أصبح هو ومن معه له سلماً ؛ " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا " وبكرمه العميم فليفسحوا صدورهم ويشرحوا ، وبإرشاده الجلي وهدايته فليدعوا قومهم إلى ذلك وينصحوا ؛ وحين وضحت له هذه الطرق أرشدته من خدمتنا الشريفة إلى الطاعة ، ودلته على موالاة ملك الإسلام التي من لم يتمسك بها فقد فارق الجماعة ؛ فإن الله تعالى قرن طاعته وطاعة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) بطاعة أولي الأمر ، وحث على ملازمة الجماعة في وقت يكون المتمسك فيه بدينه كالقابض على الجمر ؛ وهذا فعل من أراد الله به خيراً ، وسعى من يحسن في دين الله سيرةً وسيراً ؛ ولذلك اقتضت آراؤنا الشريفة إمضاء عزمه على الجهاد بالإيجاد ، وإنفاذ سهمه في أهل العناد بالإسعاف والإسعاد ؛ أرسلنا الجيوش الإسلامية كما تقدم شرحه يطئون الصحاصح ، ويستقربون المدى النازح ، ويأخذون كل كمي فلو استطاع السماك لم يتسم بالرامح ، ويحتسبون الشقة في طلب عدو الإسلام علماً أنهم لا ينفقون نفقةً صغيرةً ولا كبيرةً ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم به عملٌ صالح ؛ فرسم بالأمر الشريف - لازال يهب الدوال ، ويقلد أجياد العظماء ما تود لو تحلت ببعض فرائده تيجان الملوك الأول - أن تفوض إليه نيابة الممالك الفلانية تفويضاً يصون به قلاعها ، ويصول بمهابته على من حاول انتزاعها من يده واقتلاعها ؛ ويجريها على ما ألفت ممالكنا من أمنٍ لا يروع سربه ، ولا يكدر شربه ؛ ولا يوجد فيه باغ تخاف السبيل بسببه ، ولا من يجرد سيف بغيٍ وإن جرده قتل به ؛ وليحفظ من الأطراف ما استودعه الله وهذا التقليد الشريف حفظه ، وليعمل في قتال محاربته من العدا بقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظةً "

الصفحة 169