كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 171 """"""
ذكر شيء من الرسائل المنسوبة إلى الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وشيء من كلام الصدر الأول وبلاغتهم
قدمنا أن الكاتب يحتاج في صناعته إلى حفظ مخاطبات الصحابة رضي الله عنهم ، ومحاوراتهم ومراجعاتهم ، فأحببنا أن نورد من ذلك في هذا الموضع ما ستقف إن شاء الله عليه ؛ فمن ذلك الرسالة المنسوبة إلى أبي بكر الصديق إلى علي ، وما يتصل بها من كلام عمر بن الخطاب وجواب علي رضي الله عنهم ، وهذه السرالة قد اعتنى الناس بها وأوردوها في المجاميع ، ومنهم من أفردها في جزء ، وقطع بأنها من كلامهم رضي الله عنهم ، ومنهم من أنكرها ونفاها عنهم ، وقال : إنها موضوعةٌ ، واختلف القائلون بوضعها ، فمنهم من زعم أن فضلاء الشيعة وضعوها ، وأرادوا بذلك الاستناد إلى أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه إنما بايع أبا بكر الصديق بسبب ما تضمته ؛ وهذا الاستناد ضعيفٌ ، وحجةٌ واهيةٌ ، والصحيح أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه بايع بيعةً باطنه فيها كظاهره ، والدليل على ذلك أنه وطئ من السبي الذي سُبي في خلافة أبي بكر ، واستولد منه محمد بن الحنفية ، ولا جواب لهم عن هذا ؛ ومنهم من زعم أن فضلاء السنة وضعوها ، والله أعلم ؛ وعلى الجملة فهذه الرسالة لم نوردها في هذا الكتاب إثباتاً لها أنها من كلامها رضي الله عنهم ولا نفياً ، وإنما أوردناها لما فيها من البلاغة ، واتساق الكلام ، وجودة الألفاظ ، وها نحن نوردها على نص ما وقفنا عليه .
قال أبو حيان علي بن محمد التوحيدي البغدادي : سمرنا ليلة عند القاضي أبي حامد بن بشر المروروذي ببغداد ، فتصرف في الحديث كل متصرف - وكان غزير الرواية ، لطيف الدرايه - فجرى حديث السقيفة ، فركب كل مركباً ، وقال قولاً ، وعرّض بشيء ، ونزع إلى فن ؛ فقال : هل فيكم من يحفظ رسالة لأبي بكر الصديق إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وجواب علي

الصفحة 171