كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)

"""""" صفحة رقم 172 """"""
عنها ، ومبايعته إياه عقب تلك المناظرة ؟ فقال الجماعة : لا والله ، فقال : هي والله من بنات الحقائق ، ومخبآت الصنادق ، ومنذ حفظتها ما رويتها إلا لأبي محمد المهلبي في وزارته ، فكتبها عني بيده ، وقال : لا أعرف رسالة أعقل منها ولا أبين ، وإنها لتدل على علم وحلم وفصاحة ونباهة ، وبعد غور ، وشدة غوص ؛ فقال له العباداني : أيها القاضي ، لو أتممت المنة علينا بروايتها سمعناها ، فنحن أوعى لها عنك من المهلبي ، وأوجب ذماماً عليك ؛ فاندفع وقال : حدثنا الخزاعي بمكة ، عن أبي ميسرة قال : حدثنا محمد بن فليح عن عيسى بن دأب نبأ صالح بن كيسان ويزيد بن رومان ، قالا : حدثنا هشام بن عروة ، نبأ أبو النفاح قال : سمعت مولاي أبا عبيدة يقول : لما استقامت الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه بين المهاجرين والأنصار بعد فتنة كاد الشيطان بها ، فدفع الله شرها ، ويسر خيرها ؛ بلغ أبا بكر عن علي تلكؤ وشماس ، وتهمم ونفاس ، فكره أن يتمادى الحال فتبدو العورة ، وتشتعل الجمرة ، وتفرق ذات البين ، فدعاني ، فحضرته في خلوة ، وكان عنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحده ، فقال : يا أبا عبيدة ، ما أيمن ناصيتك ، وأبين الخير بين عينيك ، وطالما أعز الله بك الإسلام ، وأصلح شأنه على يديك ، ولقد كنت من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالمكان المحوط ، والمحل المغبوط ، ولقد قال فيك في يوم مشهود : " لكل أمة أمين ، وأمي هذه الأمة أبو عبيدة " ولم تزل للدين ملتجا ، وللمؤمنين مرتجى ، ولأهلك ركناً ، ولإخوانك رداءاً ؛ قد أردتك لأمر له خطر مخوف ، وإصلاحه من أعظم المعروف ؛ ولئن لم يندمل جرحه بيسارك ورفقك ، ولم تجب حيته برفيتك ، فقد وقع اليأس ، وأعضل البأس ؛ واحتيج بعد ذلك إلى ما هو أمر منه وأعلق ، وأعسر منه وأغلق ؛ والله أسأل تمامه بك ، ونظامه على يديك ، فتأت له يا أبا عبيدة ، وتلطف فيه ، وانصح لله عز وجل ، ولرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولهذه العصابة غير آلٍ جهداً ، ولا فالٍ حمداً ، والله كالئك وناصرك ، وهاديك ومبصرك ، إن شاء الله ؛ امض إلى علي واخفض له

الصفحة 172