كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 7)
"""""" صفحة رقم 173 """"""
جناحك ، واغضض عنده صوتك ، واعلم أنه سلالة أبي طالب ، ومكانه ممن فقدناه بالأمس ( صلى الله عليه وسلم ) مكانه ، وقل له : البحر مغرقه ، والبر مفرقه ؛ والجو أكلف ، والليل أغدف ؛ والسماء جلواء ، والأرض صلعاء ؛ والصعود متعذر ، والهبوط متعسر ؛ والحق عطوفٌ رءوف ، والباطل عنوف عسوف ، والعجب قداحة الشر ، والضغن رائد البوار ، والتعريض يجال الفتنة ، والقحة ثقوب العدواة ، وهذا الشيطان متكئ على شماله ، متحبل بيمينه ، نافخٌ حضينه لأهله ، ينتظر الشتات والفرقة ، ويدب بين الأمة بالشحناء والعداوة ، وعناداً لله عز وجل أولاً ، ودم ثانياً ، ولنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ودينه ثالثاً ، يوسوس بالفجور ، ويدلي بالغرور ، ويمني أهل الشرور ، يوحي إلى أوليائه زخرف القول غروراً بالباطل ، دأباً له منذ كان على عهد أبينا آدم ( صلى الله عليه وسلم ) ، وعادةً له منذ أهانه الله تعالى في سالف الدهر ، لا منجي منه إلا بعض الناجذ على الحق ، وغض الطرف عن الباطل ، ووطء هامة عدو الله بالأشد فالأشد ، والآكد فالآكد ، وإسلام النفس لله عز وجل في ابتغاء رضاه ؛ ولابد الآن من قول ينفع إذا ضر السكوت وخيف غبه ، ولقد أرشدك من أفاء ضالتك ، وصافاك من أحيا مودته بعتابك ، وأراد لك الخير من آثر البقاء معك ، ما هذا الذي تسول لك نفسك ، ويدوي به قلبك ، ويلتوي عليه رأيك ، ويتخاوض دونه طرفك ، ويسري فيه ظعنك ، ويترادف معه نفسك ، وتكثر عنده صعداؤك ، ولا يفيض به لسانك ؟ أعجمةٌ بعد إفصاح ؟ أتلبيسٌ بعد إيضاح ؟ أدينٌ غير دين الله ؟ أخُلقٌ غير خُلق القرآن ؟ أهدي غير هدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ أمثلي تمشي إليه الضراء وتدب له الخمر ؟ أو مثلك ينقبض عليه الفضاء ويكسف في عينه القمر ؟ ما هذه القعقعة بالشنان ؟ وما هذه الوعوعة باللسان ؟ إنك والله جد عارف باستجابتنا إلى الله عز وجل ولرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبخروجنا عن أوطاننا وأموالنا وأولادنا وأحبتنا لله عز وجل ولرسوله ونصرةً لدينه ، في زمان أنت
الصفحة 173
236